وقد وردت هذه الكلمات ضمن سياق مهم يصرخ بأن هذا الكلام رسالة شخصية لا علاقة لله به، إذ يقول:"١٦ أَقُولُ أيضًا: لَا يَظُنَّ أَحَدٌ أَنِّي غَبِيٌّ. وَإِلَّا فَاقْبَلُوني وَلَوْ كَغَبِيٍّ، لأَفْتَخِرَ أَنَا أيضًا قَلِيلًا. ١٧ الَّذِي أَتَكَلَّمُ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ بِحَسَبِ الرَّبِّ، بَلْ كَأَنَّهُ فِي غَبَاوَةٍ، فِي جَسَارَةِ الافْتِخَارِ هذِهِ. ١٨ بِمَا أَنَّ كَثِيرِينَ يَفْتَخِرُونَ حَسَبَ الجسَدِ، أَفْتَخِرُ أَنَا أيضًا. ١٩ فَإِنَّكُمْ بِسُرُورٍ تَحتَمِلُونَ الأَغْبِيَاءَ، إِذْ أَنْتُمْ عُقَلَاءُ! ٢٠ لأَنَّكُمْ تَحْتَمِلُونَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَسْتَعْبِدُكُمْ! إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْكُلُكُمْ! إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْخُذُكُمْ! إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَرْتَفِعُ! إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَضْرِبُكُمْ عَلَى وُجُوهِكُمْ! ٢١ عَلَى سَبِيلِ الهَوَانِ أَقُولُ: كَيْفَ أَنَّنَا كُنَّا ضُعَفَاءَ! وَلكِنَّ الَّذِي يَجْتَرِئُ فِيهِ أَحَدٌ، أَقُولُ فِي غَبَاوَةٍ: أَنَا أيضًا أَجْتَرِئُ فِيهِ. ٢٢ أَهُمْ عِبْرَانِيُّونَ؟ فَأَنَا أيضًا. أَهُمْ إِسْرَائِيلِيُّونَ؟ فَأَنَا أيضًا. أَهُمْ نَسْلُ إِبْرَاهِيمَ؟ فَأَنَا أيضًا. ٢٣ أَهُمْ خُدَّامُ المُسِيحِ؟ أَقُولُ كَمُخْتَلِّ الْعَقْلِ، فَأَنَا أَفْضَلُ: فِي الأَتْعَابِ أَكْثَرُ، فِي الضَّرَبَاتِ أَوْفَرُ"(كورنثوس (٢) ١١/ ١٥ - ٢٤)، فهل أوحي إليه أن يصف نفسه حال بلاغه للوحي أنه مختل العقل وأنه غبي.
ويقول متحدثًا إلى مستمعيه متلطفًا لهم:"١ لَيْتكُمْ تَحْتَمِلُونَ غَبَاوَتِي قَلِيلًا! "(كورنثوس (٢) ١١/ ١)، فهل أوحى الله له أن يصف نفسه بالغباء، وهل يعتذر الله ويخشى أن يكون ملهَمه قد أثقل على أولئك الذين يقرؤون رسالته.
٣ - أحداث مهمة لا يصح أن يذهل عنها الملهَم:
ومما يردّ دعوى الإلهام ذهول بعض الإنجيليين عن ذكر أحداث هامة رغم اجتماعهم على ذكر أحداث لا قيمة لها.
ومن ذلك أن الإنجيليين أجمعوا على ذكر حادثة ركوب المسيح على الجحش وهو يدخل أورشليم (١)، لكن الإنجيليين ذهلوا عن تسجيل أحداث مهمة، فلم يسجل أول معجزات المسيح - وهو معجزة تحويل الماء إلى خمر - على أهميتها إلا واحد منهم (انظر يوحنا ٢/ ١ - ١١)، فهل كان ركوب المسيح الجحش أهم من هذه المعجزة الباهرة؟ !