للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم بحر لا يدرك قعره، وقد اعتنى بذكرها عدد كبير من العلماء، كالبيهقى في (دلائل النبوة) وابن كثير في (البداية والنهاية) نذكر من ذلك مثالًا:

عن عوف بن مالك قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك وهو في قبة من أدم فقال: "اعدد ستًا بين يدي الساعة، موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم ثم استفاضة المال، حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطًا، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر، فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفًا". (١)

[الوجه الرابع: المعجزات في الكتاب المقدس.]

نريد أن نعرف هل يعبد الناس المسيح - عليه السلام - لإتيانه بالمعجزات؟ كإحياء الموتى وشفاء المرضى؟ وحتى نؤمن أولًا بهذه المعجزات لزم ثبوتها بطريقة معتبرة: وهي لا تخرج عن أمور معلومة لا يرقى إليها الشك، وكل ما دونها فهو ظن وتخبط، ولا يغني من الحق شيئًا، فلو قلنا مثلًا أن إثبات هذه المعجزات ونسبتها للمسيح - عليه السلام - يستلزم عدة أمور يثبت عن طريقها، وإلا فهي منتفية لا أساس لها فمنها:

أولًا: مثلًا هو بقاء المعجزة حاضرة لكل من يطالعها فلا يستطيع إنكارها؛ كأن يكون صرحًا أو بناءً باقيًا لا يستطيع الناس الإتيان بمثله؛ ومشهود أن المسيح - عليه السلام - هو من بناه، وهذا ممتنع باتفاق، كل الناس إذ أن المسيح - عليه السلام - لم تكن معجزته في المعمار ولكن معجزته في إحياء الموتى، وشفاء المرضى، فلزم بقاء أحد هؤلاء المرضى الذين شفاهم المسيح - عليه السلام - أو أحد الموتى الذين أحياهم يسوع؛ حتى يخبرنا عن هذا وهذا أيضًا ممتنع باتفاق جميع الناس، فلا طريق لإثبات معجزاته بالبقاء والخلود كما هو القرآن الكريم مثلًا، وهو معجزة الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم -، فهي معجزة باقية أمام الناس إلى أن يشاء الله.


(١) رواه البخاري (٣٠٠٥)، قال الحافظ ابن حجر (٦/ ٣٨١): قعاص الغنم هو داء يأخذ الدواب فيسيل من أنوفها شيء فتموت فجأة.

<<  <  ج: ص:  >  >>