للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن قَتَادَةُ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَ أَرْبَعَةٌ، كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ: أُبَىٌّ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَبُو زَيْدٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ. قُلْتُ لأَنَسِ: مَنْ أَبُو زَيْدٍ؟ قَالَ: أَحَدُ عُمُومَتِي. (١)

وأما الإطلاقان الثاني والثالث، فقال الزركشي: قال أبو الحسين أحمد بن فارسٍ في كتاب المسائل الخمس: جمع القرآن على ضربين: أحدهما: تأليف السور، كتقديم السبع الطُّوال، وتعقيبها بالمئين، فهذا الضرب هو الذي تولاه الصحابة - رضي الله عنهم -. وأما الجمع الآخر؛ فضمُّ الآي بعضها إلى بعضٍ، وتعقيب القصة بالقصة، فذلك شيءٌ تولَّاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما أخبر به جبريل عن أمر ربه (٢).

وأما الإطلاق الرابع، فيتضمن مرحلتين: الأولى جمع متَفَرِّقِهِ في صحفٍ، وهو ما حدث في عصر الصِّدِّيق. والثانية: جمع تلك الصحف في مصحفٍ واحدٍ، وهو ما حدث في عصر عثمان بن عفان (٣).

[المبحث الثاني: كيف حفظ الله القرآن؟]

والجواب أن الله حفظ القرآن بعدة أمور منها:

[الأول: العناية بحفظ كتاب الله تعالى في السماء ثم في الأرض.]

[أولا: حفظ القرآن الكريم في السماء]

لقد حظي كتاب الله - عز وجل - بالحفظ والعناية منذ أن كان في السماء حيث أودعه الله كتابًا مكنونًا، وأقسم الله تعالى على هذه الحقيقة بقسم عظيم فقال: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الواقعة: ٧٥ - ٨٠]، وقال - عز وجل -: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [عبس: ١٣ - ١٦].


(١) البخاري (٣٨١٠)، مسلم (٢٤٦٥).
(٢) البرهان في علوم القرآن ١/ ٢٥٩: ٢٣٧.
(٣) جمع القرآن في مراحله التاريخية من العصر النبوي إلى العصر الحديث ١/ ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>