للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن هذا الإيمان وهذا السعي الحثيث وهذا التصميم والعزم الذي قاد به محمد -صلى الله عليه وسلم- حركته حتى النصر النهائي، إنما هو برهان بليغ على صدقه المطلق في دعوته؛ إذ لو كانت في نفسه أدنى لمسة من شك أو اضطراب لما استطاع أبدًا أن يصمد أمام العاصفة التي استمرّ أوارها أكثر من عشرين عامًا كاملة. هل بعد هذا من برهان على صدق كامل في الهدف واستقامة في الخلق وسموّ في النفس كل هذه العوامل تؤدي لا محالة إلى الاستنتاج الذي لا مفر منه وهو أن هذا الرجل هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حقًّا. هذا هو نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- إذ كان آية في صفاته النادرة ونموذجًا كاملًا للفضيلة والخير، ورمزًا للصدق والإخلاص. إن حياته وأفكاره وصدقه واستقامته، وتقواه وجوده، وعقيدته ومنجزاته، كل أولئك براهين فريدة على نبوته، فأي إنسان يدرس دون تحيّز حياته ورسالته سوف يشهد أنه حقًّا رسول من عند الله، وأن القرآن الذي جاء به للناس هو كتاب الله حقًّا. وكل مفكر منصف جاد يبحث عن الحقيقة لابدّ أن يصل إلى هذا الحكم". (١)

غاندي: يقول "مهاتما غاندي" في حديث لجريدة "ينج إنديا": "أردت أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر، لقد أصبحت مقتنعًا كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته؛ بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول، مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته. هذه الصفات هي التي مهدت الطريق، وتخطت المصاعب وليس السيف. بعد انتهائي من قراءة الجزء الثاني من حياة الرسول وجدت نفسي أسِفًا لعدم وجود المزيد للتعرف أكثر على حياته العظيمة.

[غوستاف لوبون]

١ - جمع محمد -صلى الله عليه وسلم- قبل وفاته كلمة العرب، وبنى منهم أمة واحدة خاضعة لدين واحد مطيعة لزعيم واحد، فكانت في ذلك آيته الكبرى. ومما لا ريب فيه أن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- أصاب في بلاد العرب نتائج لم تصب مثلها جميع الديانات التي ظهرت قبل


(١) المرجع السابق (٤/ ٣٠ - ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>