للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد، فنزلت: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} " (١).

[الوجه الثاني: الرد على الاعتراض.]

والجواب من أوجه:

الأول: أن هذه الآية لم تتناول الملائكة ولا عيسى لتعبيره بـ (ما) الدالة على غير العاقل وَ {مَا} فَإِنَّمَا تُقَالُ لِغَيْرِ بَنِي آدَمَ وَيُقَالُ مَكَانَهَا لِبَنِي آدَمَ (مَنْ) كَمَا قَالَ الله - عز وجل -: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ} {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} فِي أَمْثَالِ ذَلِكَ مِمَّا يُرِيدُ بِهِ بَنِي آدَمَ، وَقَالَ فِي سِوَى بَنِي آدَمَ: {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} لِغَيْرِ بَنِي آدَمَ وَفِيمَا رَوَيْتُمُوهُ وَأَضَفْتُمُوهُ إلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مَا قَدْ ذَكَرْتُمُوهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ وَفِي إحْدَى الْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَلَوْتُمُوهَا فِيهِ: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (٩٨)} أُرِيدَ بِهِ بَنُو آدَمَ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ الله - عز وجل - وَعَوْنِهِ أَنَّ (مَنْ) وَ (مَا) في الْأَكْثَرِ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ يَخْرُجَانِ عَلَى مَا ذُكِرَ وَقَدْ تَسْتَعْمِلُ الْعَرَبُ أَيْضًا فِي كَلَامِهَا فِي بَنِي آدَمَ (مَا) كَمَا تَسْتَعْمِلُ (مَنْ) وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا لَا تَسْتَعْمِلُهُ فِيهِمْ كَثِيرًا كَمَا تَسْتَعْمِلُ فِيهِمْ (مَنْ) وَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} مَكَانَ إلَّا مَنْ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وقَوْله تَعَالَى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} وَ: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}. وَقَوْلُهُ - عز وجل -: {وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (٣)} يَعْنِي آدَمَ - صلى الله عليه وسلم - وَمَا وَلَدَ. (٢)

الثاني: أن الملائكة وعيسى نص الله على إخراجهم من هذا دفعا للتوهم ولهذه الحجة الباطلة بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} (الأنبياء: ١٠١). (٣)


(١) مرسل ومراسيل ابن جريج واهية والخلاصة: أن الحديث بطرقه وشواهده يحسن إسناده مما يدل على أن للحديث أصلًا.
(٢) مشكل الآثار للطحاوي (٨/ ٤٣٩، تحفة الأخيار)، دفع إيهام الاضطراب (٢٠٣).
(٣) دفع إيهام الاضطراب (٢٠٣، ٢٠٤)، الروض الأنف (٢/ ١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>