للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧ - إثبات رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن أخبار الأمم السابقة لا يعلمها إلا الله عز وجل، لقوله تعالى: {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (٤٩)} [هود: ٤٩] وقوله: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ} [إبراهيم: ٩] (١).

[الوجه الثاني: أسباب الإبهام في القرآن الكريم.]

والإبهام معناه: الإخفاء، فقد يخفي القرآن الكريم أسماء أشخاص أو أماكن، لا لغفلة أو نسيان، وإنما لسبب من الأسباب الآتية:

أولًا: الاستغناء ببيانه في موضع آخر كقوله: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: ٧]، فإنه مبين في قوله: {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: ٦٩].

الثاني: أن يتعين لاشتهاره كقوله: {وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: ٣٥] ولم يقل: حواء؛ لأنه ليس له غيرها.

الثالث: قصد الستر عليه؛ ليكون أبلغ في استعطافه نحو {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [البقرة: ٢٠٤] الآية. هو الأخنس بن شريق وقد أسلم بعد وحسن إسلامه.

الرابع: ألا يكون في تعيينه كبير فائدة نحو: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ} [البقرة: ٢٥٩] {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ} [الأعراف: ١٦٣].

الخامس: التنبيه على العموم وأنه غير خاص بخلاف ما لو عُيِّن نحو: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا} [النساء: ١٠٠].


(١) أصول في التفسير لابن عثيمين (٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>