للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال البيهقي بعد روايته للحديث: كان حدها الرجم فكأنه - رضي الله عنه - درأ عنها حدها للشبهة بالجهالة، وجلدها وغربها تعزيرًا. والله أعلم.

٥ - عن إبراهيم قال: قال عمر بن الخطاب: لئن أعطل الحدود بالشبهات أحب إلي من أن أقيمها بالشبهات. (١)

٦ - عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: أدرءوا القتل والجلد عن المسلمين ما استطعتم. (٢)

وقد أخذ بهذه القاعدة جمهور الفقهاء ولم يخالف فيها إلا الظاهرية، وكثرة الآثار المروية فيها عن الصحابة تدل على أن لها أصلًا. فإذا علم هذا علم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال هذه الكلمة ليزيل الشبهة قبل إقامة الحد والله أعلم.

[الوجه السابع: وضع العلماء هذه اللفظة في أبواب الحدود.]

في تراجم العلماء على هذه اللفظة هل هي في أبواب العشرة مثلا أم في أبواب الحدود؟ وبهذا يظهر أن النطق بها عند علماء الإسلام لم يكن إلا لهذا الغرض من التحري في أمر الدماء كما مر، وها هي ترجمة البخاري على هذا الحديث حيث قال: (باب هل يقول الإمام للمقر: لعلك لمست أو غمزت)، وأخرج ابن حبان هذه اللفظة من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في كتاب الحدود، وترجم عليه ابن حجر في بلوغ المرام كتاب الحدود، وأخرجها عبد الرزاق تحت باب الرجم والإحصان، وكأن صنيع أهل العلم في جعل هذه الكلمة تحت هذه التراجم، يشير إلى


(١) مرسل. وإسناده إلى إبراهيم صحيح، وقال ابن حجر في التلخيص ٥/ ١٣٧: ورواه أبو محمد بن حزم في كتاب الإيصال من حديث عمر موقوفا عليه بإسناد صحيح اهـ.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة ٦/ ٥١٥ من طريق سفيان ومسدد كما في الإتحاف (٣٥٣٥) من طريق شعبة كلاهما عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود به. وهذا إسناد فيه عاصم بن أبي النجود صدوق له أوهام كما التقريب (٣٠٥٤) وحديثه يحسن، ونقل الحافظ في التلخيص ٥/ ١٣٧ عن البخاري قوله: وأصح ما فيه حديث سفيان الثوري، عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود قال: "ادرءوا الحدود بالشبهات، ادفعوا القتل عن المسلمين ما استطعتم". اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>