للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعدم القيام بحقوق الزوجية؛ فعليه أولًا أن يبدأ بالوعظ الذي يرى أنه يؤثر في نفسها التخويف من اللَّه عزَّ وجلَّ وعقابه على النشوز، ومنهن من يؤثر في نفسها التهديد والتحذير من سوء العاقبة في الدنيا كشماتة الأعداء، والمنع من بعض الرغائب كالثياب الحسنة والحلي. والرجل العاقل لا يخفى عليه الوعظ الذي يؤثر في قلب امرأته (١).

٦. فإذا قام الزوج بالوعظ ولم تتأثر المرأة ولم تكُفْ. . . فلا يقول له الشرع طلق إنما دله على الهجر في المضجع:

قال تعالى: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} (النساء: ٣٤).

والهجر ضرب من ضروب التأديب لمن تحب زوجها ويشق عليها هجره إياها، ويتحقق ذلك بهجرها في الفراش مع الإعراض والصدّ (وقد جرت العادة بأن الاجتماع في المضجع يهيج شعور الزوجية، فتسكن نفس كل من الزوجين إلى الآخر، ويزول ما كان في نفوسهما من اضطراب أثارته الحوادث قبل ذلك)، فإذا هو فعل ذلك دعاها هذا إلى السؤال عن أسباب الهجر والهبوط بها من نَشَز المخالفة إلى مستوى الموافقة. (٢)

٧. فإن لم يفد الهجر فلا يسارع إلى الطلاقَ، بل له أن يجرب الضرب غير المبرح:

{وَاضْرِبُوهُنَّ} (النساء: ٣٤): أي: غير المؤذي إيذاءً شديدًا كالضرب باليد أو بعصا صغيرة، وقد يستعظم البعض مشروعية ضرب المرأة الناشز، ولا يستعصمون أن تنشز هي وتترفع عليه، فتجعله وهو الرئيس مَرْءُوسًا محتقرًا، وتصرّ على نشوزها، فلا تلين لوعظه ونصحه، ولا تبالي بإعراضه وهجره، فإن كان ثقل عليهم ذلك، فليعلموا أن الإفرنج أنفسهم يضربون نساءهم العالمات المهذبات، بل فعل هذا حكماؤهم وعلماؤهم وملوكهم وأمراؤهم فهو ضرورة لا يستغنى عنها، ولا سيما في دين عام للبدو والحضر من جميع أصناف البشر، وكيف يُسْتَنْكَرُ هذا والإسلام والعقل يدعوان إليه إذا فسدت البيئة، وغلبت الأخلاق الفاسدة، ولم ير الرجل مناصًا منه، ولم ترجع المرأة عن نشوزها إلا به


(١) تفسير المنار (٥/ ٧٢)، تفسير المراغي (٥/ ٢٨).
(٢) المراغي (٥/ ٢٨ - ٢٩) بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>