للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ يَتَأَلَّفُهُ، ودُعاءِ من يدعوه، دَعْوى له في تلك الدعوى، ولا يُشْتَغَل بإبطالها، مع إمكان ذلك، ومع أنه ليس بمتعذِّر ولا ممتنع؟ . (١)

من ثَمَّ فإن أي تشكيك بعدهم في بلاغة القرآن الكريم وإعجازه، إنما هو ضرب من الهذيان، إذ إن أولى الناس بهذا التشكيك كفارَ قريش، فقد وقفوا حائرين أمام عبارات القرآن وآياته، وكان حالهم على نحو ما ذكر عبد القاهر منذ قليل.

[الوجه الثاني: موقف القرآن والسنة من الشعر والشعراء.]

الإسلام وقف من الشعر موقف الحذر، فالشعر جائز إذا خلا عن الكذب والرياء وهجو ما لا يجوز هجوه، وعن ذكر الفسق ومدحه والتغني به، وأن يخلو من آفات المدح مع عدم الاستكثار منه، والتجرد له حتى يشغله عن بعض الواجبات والسنن، وقلما يخلو الشعر عن هذه الآفات.

فإذا كانت حال الشعر بهذه المثابة، والإسلام يبيح منه قسما، ويُحَرِّمُ آخر فكيف يستقيم أن يقتبس منه في كتابه الكريم الخالد؟ بل وكيف يقتبس من الشعر الجاهلي الذي قبله وأغراضه معلومة؟

وللبيان نقول ما هو الشعر؟

الشعر في اللغة: واحد الأشعار، وهو في اصطلاح الأدباء كما قال ابن خلدون: "الكلام الموزون المقفى، ومعناه الذي تتكون أوزانه كلها على رويٍّ واحد وهو القافية".

وقال: "وأساليب الشعر تناسبها خلط الجد بالهزل، والإطناب في الأوصاف، وضرب الأمثال، وكثرة التشبيهات والاستعارات" (٢).

ويقول صديق حسن: الشعر: هو الكلام البليغ المبني على الاستعارة والأوصاف، المفصل بأجزاء متفقة في الوزن والروي، مستقل كل جزء منها في غرضه ومقصده عما قبله وبعده، الجاري على أساليب العرب المخصوصة به. (٢)


(١) "الرسالة الشافية في وجوه الإعجاز" لعبد القاهر الجرجاني من صـ ٥٧٦: ٥٨٠ باختصار.
(٢) في المقدمة ص ٥٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>