للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَا لَيْتِي إذَا مَا كَانَ ذَاكُمْ ... شَهِدْت فَكُنْت أَوّلَهُمْ وُلُوجَا

وُلُوجًا فِي الّذِي كَرِهَتْ قُرَيْشٌ ... وَلَوْ عَجّتْ بِمَكّتِهَا عَجِيجًا

أَرُجّيَ بِالّذِي كَرِهُوا جَمِيعًا ... إلَى ذِي الْعَرْشِ إنْ سَفَلُوا عُرُوجَا

وَهَلْ أَمْرُ السّفَالَةِ غَيْرُ كُفْرٍ ... بِمَنْ يَخْتَارُ مِنْ سُمْكِ الْبُرُوجَا

فَإِنْ يَبْقَوْا وَأَبْقَ تَكُنْ أُمُورٌ ... يَضِجّ الْكَافِرُونَ لَهَا ضَجِيجَا

وَإِنْ أَهْلِكْ فَكُلّ فَتًى سَيَلْقَى ... مِنْ الْأَقْدَارِ مَتْلَفَةً خَرُوجَا (١)

قال ابن كثير: فشعره يدل على إضماره الإيمان وعقده عليه وتأكده عنده (٢).

[ثالثا: لقاء ورقة بمحمد - صلى الله عليه وسلم - عند نزول الوحي]

[الوجه الأول: جمع الروايات التي تشير إلى لقاء ورقة بمحمد - صلى الله عليه وسلم - عند نزول الناموس عليه.]

تُحدثنا كتب الحديث الصحاح عن لقاء تم بين محمد - صلى الله عليه وسلم - وبين ورقة، بعد أن بلغ من الكبر عتيًا فعمي، وذلك حين تنزل على محمد ملكُ الوحي في غار حراء، وقد حملت محمدًا زوجُه خديجةُ على لقيا ورقة ليستفسر عن حقيقة هذا الذي دخل عليه الغار بتلك الطريقة المهيبة، (فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: يَا ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: يَا ابْنَ أَخِي، مَاذَا ترَى؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - خَبَرَ مَا رَأى، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ الله عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟ ! قَالَ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ وَفَتَرَ الْوَحْيُ (٣).

ولا أحب الاقتصار على رواية أصح الكتب بعد القرآن وهو صحيح الإمام البخاري، بل أسرد من المصادر التي يحتج بها المستشرقون عادة، ومنهم (واط) وهي كتب التاريخ،


(١) الروض الأنف ١/ ٣٢٩، سيرة ابن هشام ١/ ١٩١، سبل الهدى والرشاد ٢/ ١٦٠.
(٢) السيرة النبوية ١/ ٣٩٩.
(٣) البخاري (٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>