للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يحتاجون لتلك النصوص، وقد جاء فيما ينقلون "استفت قلبك وإن أفتاك المفتون" (١) ويستدلون على هذا بالخضر وأنه استغنى بما تجلى له من تلك العلوم عما كان عند موسى من تلك الفهوم، وهذا القول زندقة وكفر يقتل قائله ولا يستتاب ولا يحتاج معه إلى سؤال ولا جواب؛ فإنه يلزم منه هد الأحكام وإثبات أنبياء بعد نبينا - صلى الله عليه وسلم - (٢).

[الوجه الثالث: القرآن يتحدى أهل الفصاحة.]

قوله تعالى: {وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} أي: لا أحد أظلم ممن قال: سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنزلَ الله، ونظيرها قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا} [الأنفال: ٣١]، وقد بين الله تعالى كذبهم في افترائهم هذا حيث تحدى جميع العرب بسورة واحدة منه، كما ذكره تعالى في البقرة بقوله: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} [البقرة: ٢٣]، وفي يونس بقوله: {قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ} [يونس: ٣٨]، وتحداهم في هود بعشر سور مثله في قوله: {قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ} [هود: ١٣]، وتحداهم به كله في الطور بقوله: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (٣٤)} [الطور: ٣٤].

ثم صرح في سورة بني إسرائيل بعجز جميع الخلائق عن الإتيان بمثله في قوله: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: ٨٨]، فاتضح بطلان دعواهم الكاذبة. (٣)

[الوجه الرابع: عقوبة من يفتري على الوحي.]

عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَعَادَ نَصْرَانِيًّا، فَكَانَ يَقُولُ: مَا يَدْرِى مُحَمَّدٌ إِلَّا مَا كَتَبْتُ لَهُ، فَأَمَاتَهُ الله فَدَفَنُوهُ،


(١) رواه أحمد (٤/ ٢٢٨)، وقال الألباني: إسناده حسن (صحيح الترغيب ٢/ ١٥١).
(٢) الجامع لأحكام القرآن (٧/ ٤١: ٤٢).
(٣) أضواء البيان للشنقيطي (٢/ ١٨١: ١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>