للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيتبين من ذلك أنه لا بد من التوبة من هذه الذنوب قبل الموت، وذهب الجمهور إلى أن من تاب لا يبقى عليه مؤاخذة ومع ذلك فلا يأمن مكر الله لأنه لا اطلاع له هل قبلت توبته أو لا. (١)

[الوجه الثاني: من مات من غير توبة فهو في مشيئة الله.]

من تلبس بالذنوب المذكورة ومات من غير توبة فظاهر الحديث أنه أيضًا داخل في ذلك لكن مذهب أهل السنة أنه في مشيئة الله تعالى، ويدل عليه حديث عبادة بن الصامت فإن فيه (ومن أتى شيئًا من ذلك فلم يعاقب به فأمره إلى الله تعالى أن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه) (٢)، وهذا المفسر مقدم على المبهم. (٣)

ومعلوم أن طائفة من الموحدين يدخلون النار ثم يخرجون منها بعد ذلك، ففي حديث: يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلاَّ الله، وَفِى قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ ... وفي قَلْبِهِ وَرْدُ ذَرَّهٍ مِن خَيْرٍ (٤).

فهذا الحديث فيه دليل على دخول طائفة من عصاة الموحدين النار. (٥)

قال النووي: وَأَمَّا دُخُول مَنْ مَاتَ غَيْر مُشْرِك الجنَّة فَهُوَ مَقْطُوع لَهُ بِهِ لَكِنْ إِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِب كَبِيرَة مَاتَ مُصِرًّا عَلَيْهَا دَخَلَ الجنَّة أَوَّلًا، وَإِنْ كَانَ صَاحِب كَبِيرَة مَاتَ مُصِرًّا عَلَيْهَا فَهُوَ تَحْت المُشِيئة، فَإِنْ عُفِيَ عَنْهُ دَخَلَ أَوَّلًا وَإِلَّا عُذِّبَ، ثُمَّ أُخْرِجَ مِنْ النَّار، وَخُلِّدَ فِي الجنَّة. وَالله أَعْلَم. (٦)

كما يجب أن نأخذ في الاعتبار مسألة الحدود وأنها كفارات، كما جاء في حديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-: "ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب فهو كفارة" (٧).


(١) فتح الباري ١/ ٨٧.
(٢) البخاري (١٨).
(٣) فتح الباري ١٠/ ٢٩٥.
(٤) البخاري (٤٤)، مسلم (١٩٣).
(٥) التوضيح لشرح الجامع الصحيح لابن الملقن ٣/ ١٣٠.
(٦) شرح النووي ١/ ٣٧٤.
(٧) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>