٢ - وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- "من أتى حائضًا أو امرأة في دبرها أو كاهنًا فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد". (١)
[الوجه الرابع: إباحة المرأة الحائض للزوج في كل شيء، من أكل، وشرب، واضطجاع، وتلذذ فيما عدا الفرج والدبر.]
أكرم الإسلام المرأة وأعلى قدرها وحفظ نفسها خاصة وهي حائض، فلم يأمر بهجرها ولم يأمر بمقاطعتها في الأكل، والشراب، والنوم. ولم يذكر أنها نجسة وتنجس من حولها ومن يمسها كما عند اليهود وغيرهم، ولكن ذكر شرعنا عن التعامل مع المرأة حال حيضتها أنها امرأة ولها حقوقها في التعامل، وفي المؤاكلة، وفي المشاربة، وفي مضاجعتها على فراش واحد، وفي التلذذ بها؛ إلا حالة واحدة ألا وهي: جماعها في فرجها. وبين العلة من ذلك كما في الآية:(قُلْ هُوَ أَذًى).
وإليك كلام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذه المسألة وبعض كلام الصحابة الكرام، وأيضًا حال النبي مع زوجاته أثناء حيضتهن في جميع الأمور لتقف على هذه الأحكام التي ترفع قدر المرأة:
١ - عن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها، ولم يجامعوهن في البيوت فسأل أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فأنزل اللَّه:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}(البقرة: ٢٢٢).
(١) أخرجه أحمد في المسند (٢/ ٤٧٦)، وأبو داود في السنن (٣٩٠٤)، والنسائي في الكبرى (٩٠١٧)، وابن ماجه في السنن (٦٣٩)، وابن الجارود في المنتقى (١٠٧)، والترمذي في السنن (١٣٥) كلهم من طرق عن حماد بن سلمة، عن حكيم الأثرم، عن أبي تميمة الهجيمي، عن أبي هريرة به. وقال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث حكيم الأثرم عن أبي تميمة (الهجيمي) عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- وإنما معنى هذا عند أهل العلم على التغليط. قلت: فإن أبا تميمة -واسمه طريف بن مجالد- وثقه أهل العلم، وقال ابن حجر في التهذيب: قال ابن معين: ثقة، وقال ابن سعد: ثقة إن شاء اللَّه، وقال الدارقطني: ثقة، والحديث صححه الألباني في إرواء الغليل حديث (٢٠٠٦).