للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} (التوبة: ٣٦).

[الإسلام وسلام المكان.]

كما منع الإسلام القتال في أشهر معينة من الزمن (السنة) فقد عين مكانين لا يجوز القتال فيهما، ولا يجوز حمل السلاح لثأر أو سواه، ولا يقطع فيهما شجر ولا يروع صيد، وهذان المكانان هما: مكة المكرمة والمدينة، بدائرة يصل قطرها إلى ثمانية وعشرين ميلًا، إذ اعتبر الإسلام الحرم المكي والحرم المدني مكانين للعبادة مخُصَّصين لها لا يجوز فيهما قتال أو إحداث شرّ مهما كان نوعه، وفي هذا يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إني حرّمت ما بين لابتي المدينة كما حرم إبراهيم مكة"، فكان أحدنا يجد الطير في يده فيفكه ويرسله.

هذا هو الإسلام يعتني بالإنسان؛ فيوفر له المكان الآمن الذي يحرّم فيه القتال، ويوفر له الزمان الآمن الذي لا يجوز فيه قتال، فأين نجد سلامًا إن لم نجده في دين الله (١).

[الوجه الثاني: إن من يقرأ سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - يتضح له بجلاء كذب هذه الشبهة وبيان زيفها.]

فقد بدأ الرسول العربي الكريم - صلى الله عليه وسلم - دعوته في مكة بأن عرض الإسلام على بعض أصحابه الثقات: فأسلم الصدِّيق وعثمان وابن العوام وسعد وابن عوف وغيرهم .. كما عرض نفسه في موسم الحج على القبائل داعيًا إلى دين الله جل جلاله. فاستجاب قوم من الأوس والخزرج. وبقي النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو في مكة محتملًا الأذى والألم والاضطهاد والظلم من قريش، وهاجر إلى المدينة دون أن يريق قطرة دم، وبعد قيام دولة الإسلام في المدينة المنورة حارب النبي - صلى الله عليه وسلم - الفئات التالية:

١ - قريش "سكان مكة المكرمة".

٢ - اليهود "في المدينة المنورة وفي خيبر".


(١) الإسلام دين الرحمة والسلام د/ عبد الرحمن عباد. المؤتمر العام الرابع عشر للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية صـ ١١٨ - ١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>