دين الرحمة والوسطية وليس دين التشدد والغلو، فأباح لأبنائه التلفظ بكلمة الكفر عند تعرضهم للإكراه عليها، والله عليم ببواطنهم وما تنطوي عليه نفوسهم.
[الوجه الرابع: بيان الكفر البواح في الكتاب المقدس خاصة مع الأنبياء.]
وهذا الذي نقل عن المسيح - عليه السلام - إن كان قد صح عنه فهو من الآصار والأغلال التي كانت على الأمم السابقة والتي وضعها الله عنا كما في أواخر سورة البقرة:{رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}[البقرة: ٢٨٦].
أي: لا تكلّفنا من الأعمال الشاقة وإن أطقناها كما شرعته للأمم الماضية قبلنا من الأغلال والآصار التي كانت عليهم التي بعثتَ نبيَك محمدًا - صلى الله عليه وسلم - نبي الرحمة بوضعه في شرعه الذي أرسلته به من الدين الحنيف السهل السمح. وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"قال الله: نعم"(١).
ولم يرد أبدًا لا في القرآن ولا في الحديث الشريف ولو كلمة واحدة تمس نبيًا أو رسولًا من رسل الله بما يسيء إليه أو ينتقص من حقه، فلم يقل القرآن أبدًا عن نبي أو رسول أنه زنا مع بناته، أو أنه لص، أو أنه كفر وسجد لغير الله؛ حاش لله أن يكون أنبياء الله بهذا الوصف وهذا القبح الذي يصف به كتاب النصارى رسل الله وأنبياءه وهم مبرؤن منه.