[الوجه الثاني: الفهم الصحيح للحديث على تقدير ثبوته.]
للعلماء في هذا الحديث عدةُ تأويلاتٍ:
• أن الحديث ضعيفٌ لا يثبت.
• أن المراد أن المرأة لا ترد من أراد منها الفاحشة.
• أن المرأة لا ترد من أراد منها شيئًا من مالها، أو من مال زوجها.
• أنها سهلة الأخلاق ليس فيها نفورٌ وحشمةٌ عن الأجانب لا أنها تأتي الفاحشة -وهو الراجح- واللَّه أعلم.
عقد ابن القيم فصلًا بعنوان (فتاوى إمام المفتين. . . في الطلاق) عن قول الرجل للرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن امرأتي لا ترد يد لامسٍ" فقال: فعورض بهذا الحديث المتشابه الأحاديث المحكمة الصريحة في المنع من تزويج البغايا، واختلفت مسالك المحرمين لذلك فيه.
فقالت طائفةٌ: المراد باللامس ملتمس الصدقة، لا ملتمس الفاحشة.
وقالت طائفةٌ: بل هذا في الدوام غير مؤثرٍ، وإنما المانع ورود العقد على زانيةٍ. فهذا هو الحرام. وقالت طائفةٌ: بل هذا من التزام أخف المفسدتين لدفع أعلاهما.
فإنه لما أمر بمفارقتها خاف أن لا يصبر عنها فيواقعها حرامًا، فأمره حينئذٍ بإمساكها، إذ مواقعتها بعد عقد النكاح أقل فسادًا من مواقعتها بالسفاح.
وقالت طائفة: بل الحديث ضعيفٌ لا يثبت.
وقالت طائفةٌ: ليس في الحديث ما يدل على أنها زانيةٌ، وإنما فيه أنها لا تمتنع ممن لمسها أو وضع يده عليها أو نحو ذلك، فهي تعطي الليان لذلك، ولا يلزم أن تعطيه الفاحشة الكبرى، ولكن هذا لا يؤمن معه إجابتها لداعي الفاحشة، فأمره بفراقها تركًا لما يريبه إلى
= قال الشوكاني: قال ابن الجوزي: لا أصل له، وعده في الموضوعات، قال ابن حجر -لما سئل عن هذا الحديث-: إنه حسن صحيح ولم يصب من قال إنه موضوع، وقد أخرجه أبو داود في سننه والنسائي، قال المنذري في مختصر السنن: رجال إسناده محتج بهم في الصحيحين على الاتفاق والانفراد. وبالجملة فإدخال مثل هذا الحديث في الموضوعات مجازفة ظاهرة. اهـ الفوائد المجموعة ١/ ١٢٩. وانظر: تلخيص الحبير ٣/ ٢٢٥.