للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون التكرار بإعادة اللفظ بعينه اسمًا كان أو فعلًا أو حرفًا كقولك مثلا: زيدٌ زيدٌ لمهذب، وكقولك: جاء جاء النذير، وكقولك: إنَّ إنَّ محمدًا آتٍ، وتارة يكون التكرار بإعادة المعنى وإن اختلف اللفظ كإعادة قصة في أكثر من مكان لفائدة كتكرار قصة موسى - عليه السلام - في القرآن الكريم.

وقد بين القزويني أن التكرير يأتي لفائدة: كتأكيد الإنذار كما في قوله تعالى: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤)} [التكاثر: ٣، ٤] وكزيادة التنبيه على ما ينفى التهمة ليكمل تلقى الكلام بالقبول كما في قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (٣٨) يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (٣٩)} [غافر: ٣٨، ٣٩]، وقد يكرر اللفظ لطولٍ في الكلام كما في قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٩)} [النحل: ١١٩]، وقد يكرر لتعدد المتعلق كما كرره الله تعالى من قوله: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (١٣)} [الرحمن: ١٣]؛ لأنه تعالى ذكر نعمة بعد نعمة، وعقب كل نعمة بهذا القول. ومعلوم أن الغرض من ذكره عقيب نعمة غير الغرض من ذكره عقيب نعمة أخرى. (١)

[الوجه الرابع: التكرار في عموم القرآن كمنهج عام، وفيه مباحث]

أولًا: من أمثلة التكرار في القرآن: كقوله تعالى: {الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ (٢)} [الحاقة: ١، ٢]، وكقوله: {الْقَارِعَةُ (١) مَا الْقَارِعَةُ (٢)} [القارعة: ١، ٢] وقوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢)} [القدر: ١، ٢] وقوله: {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (٨) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (٩)} [الواقعة: ٨، ٩]، وقوله: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (٢٧)} [الواقعة: ٢٧] وقوله: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ


(١) الإيضاح في علوم البلاغة للقزويني (١٨٩) بتصرف واختصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>