للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو ليس الأيسر بداهة هو تجنب تلك اللحوم أصلًا؟ ثم أينسى هؤلاء أن عملهم قد احتاج قرونًا طويلة ليكتشف عددًا من الآفات التي يسببها أكل لحم الخنزير. فمن الذي يجزم بأن هناك آفات أخرى لم يكشف العلم النقاب عنها بعد؟ أفلا تستحق الشريعة الإسلامية التي سبقت العلم البشري بعشرات القرون أن نثق بها وندع كلمة الفصل لها نحرم ما حرمت، ونحلل ما حللت وهي آتية من لدن حكيم خبير؟ .

[الآثار السلوكية (الخلقية) التالية لأكل لحم الخنزير]

أشار النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى أثر الطعام على خلق آكليه فقال: "الفخر والخيلاء في أصحاب الإبل والسكينة والوقار في أهل الغنم". (١)

وكما ذكرنا قول الفخر الرازي: قال أهل العلم - الغذاء يصير جزءًا من جوهر المغتذي فلابد أن يحصل له أخلاق وصفات من جنس ما كان حاصلًا في الغذاء، والخنزير مطبوع على حرص عظيم ورغبة شديدة في المشتهيات فحرم أكله لئلا يتكيف بتلك الكيفية.

ويقول ابن خلدون: أكلت الأعراب لحم الإبل فاكتسبوا الغلظة، وأكل الأتراك لحم الفرس فاكتسبوا الشراسة، وأكل الإفرنج لحم الخنزير فاكتسبوا الدياثة.

وحديثًا اختلف العلماء في أثر الغذاء على الطباع والخلق، لكن ملاحظات كثير من العلماء قادتهم إلى اختلاف الآثار الخلقية باختلاف نوع اللحوم المكثر من تناولها، وبأن لحم الخنزير وشحمه له تأثير سيء على العفة والغيرة على العرض إذا داوم الإنسان على تناوله توصلوا في نهايتها إلى القول بأن نوعية الطعام تؤثر على شخصية وسلوك الإنسان وتصرفاته.

وعن مقالة للدكتور الفنجري يؤكد فيها أن الذين يأكلون لحوم الحيوانات الكاسرة عادة ما تكون طباعهم شريرة، غير متسامحين، ويميلون إلى ارتكاب الآثام والجرائم.


(١) جزء من حديث أخرجه البخاري (٣١٢٥)، ومسلم (٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>