للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجعله عذرًا في تخلفه عن العيد الذي لهم وكان صادقًا فيما قال، لأن السقم كان يأتيه في ذلك الوقت، وإنما تخلف لأجل تكسير أصنامهم (١).

وتعقب ابن حجر هذا القول، فقال: وهو بعيد لأنه لو كان كذلك لم يكن كذبًا لا تصريحًا ولا تعريضًا. (٢)

وعلى هذا فقد تبين أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يكن مريضًا جسمانيًا، وإنما هذه حيلة أراد أن يتوصل إلى أصنامهم، وهو من المعاريض كما تقدم.

[الوجه الثالث: أنواع علم النجوم.]

[النوع الأول: المباح.]

العلم بأسماء الكواكب ومناظرها ومطالعها ومساقطها وسيرها والاهتداء بها، وانتقال العرب عن مياهها لأوقاتها وتخيرهم الأوقات إنتاج مواشيهم وضرابهم الفحول ومعرفتهم بالأمطار على اختلافها، والتوصل إلى جهة القبلة بالنجوم ومعرفة مواقيت الصلاة وساعات الليل بظهورها وأفولها. فهذا العلم مباح. (٣)

[الأدلة على إباحة هذا النوع]

قال سبحانه وتعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [يونس: ٥] (يونس: ٥)، وقال عَز وجل: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ} [الأنعام: ٩٨].

عن قتادة قال: إن الله- تبارك وتعالى- خلق هذه النجوم لثلاث خصال جعلها زينة السماء، وجعلها يهتدي بها وجعلها رجومًا للشياطين فمن تعاطى فيها غير ذلك فقد قلل رأيه وأخطأ حظه وأضاع نصيبه وتكلف ما لا علم له به وإن ناسا جهلة بأمر الله عز وجلَّ قد أحدثوا في


(١) تفسير الرازي (٢٦/ ١٤٧)، تفسير القرطبي (١٥/ ٩٣)، شرح صحيح مسلم للنووي (٨/ ١٣٧)، تفسير أبو السعود (٧/ ١٩٧)، فتح القدير (٤/ ٥٦٣)، فتح البيان (١١/ ٤٠١).
(٢) فتح الباري (٦/ ٤٥١).
(٣) القول في علم النجوم للخطيب البغدادي (١٢٦)، معالم السنن للخطابي (٤/ ٢١٣)، شرح السنة للبغوي (١٢/ ١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>