للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَيْهِ قَاِئلِينَ: "اصْرِفْهَا، لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا! " ٢٤ فَأَجَابَ وَقَال: "لَمْ أُرْسَلْ إِلَّا إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائيلَ الضَّالَّةِ". ٢٥ فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: "يَا سَيِّدُ، أَعِنِّي! " ٢٦ فَأَجَابَ وَقَال: "لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلَاب". ٢٧ فَقَالتْ: "نَعَمْ، يَا سَيِّدُ! وَالْكِلَابُ أَيْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا! ". ٢٨ حِينَئِذٍ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَال لَهَا: "يَا امْرَأَةُ، عَظِيمٌ إِيَمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ". فَشُفِيَتِ ابْنَتُهَا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ."

فهل يقدم المسيح نفسه عن الناس، ويقبل القتل والصلب والإهانة من البشر، كل ذلك عن طيب خاطر، مع أنه ثبت في الإنجيل أنه ضن على المرأة بالمساعدة، وأنه قابلها بالتحقير والسباب، ولم يقبل مساعدتها إلا بعد هذه الشدة، ووساطة تلاميذه الذين طلبوا منه مساعدتها لا للخير، وإنما لأنهم أرادوا التخلص منها ومن صياحها؟ .

(وهذا بحسب ما ورد في الإنجيل وإلا فأنبياء الله تعالى هم أولى الناس بمكارم الأخلاق).

[خامسا: تسليم النصارى بكون دعوى الكفارة لم تتحقق]

ويقولون إن الله تعالى قال لآدم "إن أكلت من هذه الشجرة موتا تموت" ويفسرون (موتًا تموت) بأن الله يعني أن يدخل آدم وذريته الجحيم، ولكن تفسيرهم هذا يؤخذ منه أن الله تعالى لم تنفذ إرادته؛ لأن الأقنوم الثاني - بزعمهم - نجاهم. بل إن الله تعالى لم تنفذ إرادته بعد ذلك كذلك، لأن معظم الناس لا يزالون لا يؤمنون بالفداء، وذلك - بحسب عقيدتهم - بسبب دخولهم الجحيم، فما معنى أن المسيح نجيَّ العالم من الخطيئة حتى استحقوا دخول الجنان؟ !

يقولون عن المسيح: "٢ وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا. لَيْسَ لِخَطَايَانَا فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ الْعَالمِ أَيْضًا." (يوحنا الأولى ٢/ ٢)، فكيف يكون المسيح كفارة لكل العالم، مع أن في العالم ملايين من عبدة الأوثان واللادينيين، ويوجد في العالم كذلك الملايين من المسلمين الذين لا يؤمنون إلا بالتوحيد الحقيقي، وينزهون الله تعالى عما لا يليق به من الصفات التي ينسبها إليه المسيحيون، بل لِمَ يتوعدُ المسئَ والمخطئ والعاصي بالعذاب ويهدده بدخول النار؟

وإذا كان النصارى يقولون إنهم وحدهم الناجون، فلم يتحقق قول يوحنا إن المسيح كفارة عن العالم، وإذا قالوا بصدق قول يوحنا كذبوا حيث ادعوا هلاك غير النصراني، وكفر

<<  <  ج: ص:  >  >>