للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٥) يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (١٦) يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٧) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (١٨) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (١٩)} [لقمان: ١٢ - ١٩].

فهذه قصة من القصص التي ذكرها القرآن لنأخذ منها الدروس والعبر التي يسير عليها المسلم في حياته، فالقصة دعت إلى توحيد الله وإلى طاعة الله تبارك وتعالى وإلى جملة من المواعظ والآداب التي إذا ما تحلى بها المسلم سعد في دنياه وأخراه.

[الوجه الثاني: لا يجوز الاحتجاج بالتوراة والإنجيل وقد ثبت تحريفهما.]

١ - ثبت بالأدلة القاطعة أن الكتاب المقدس محرف، ومن ثم لا يجوز الاحتجاج به.

٢ - ولو سلمنا بعدم التحريف فالقرآن قد أتى بزيادة لم تأتِ بها الكتب الأخرى فوجب الإيمان بها.

٣ - هل معنى أن التوراة والإنجيل لم تذكر القصة أنها ليست حقيقية؟ وهل استوعب الكتاب المقدس جميع أحداث التاريخ والقصص؟ والجواب: أن هذا محال.

الوجه الثالث: الصحيح أن لقمان كان حكيمًا وليس نبيًا، ولم يثبت عن حاله أو حياته أو تاريخه شيء سوى ما قصه علينا القرآن.

قال ابن كثير: اختلف السلف في لقمان - عليه السلام - هل كان نبيًا أو عبدًا صالحًا من غير نبوة؟ على قولين الأكثرون على الثاني (١).

قال الشوكاني: اختُلف في لقمان هل هو عجمي أم عربي مشتق من اللقم؟ فمن قال إنه عجمي منعه للتعريف والعجمة، ومن قال إنه عربي منعه للتعريف ولزيادة الألف والنون، واختلفوا أيضًا هو نبي أم رجل صالح؟ فذهب أكثر أهل العلم إلى أنه ليس بنبي، وحكا الواحدي عن عكرمة والسدي والشعبي أنه كان نبيًا والأول أرجح (٢).


(١) تفسير ابن كثير (٣/ ٤١٥).
(٢) فتح القدير للشوكاني (٤/ ٣٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>