للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنّصرانيّة في تبوك في السّنة التّاسعة للهجرة فأخذها من أهل أيلة حيث قدم يوحنَّا بن رؤبة على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في تبوك، وصالحه على كلِّ حالم بالغ بأرضه في السّنة دينار، واشترط عليهم قرى من مرّ بهم من المسلمين، وكتب لهم كتابًا بأن يحفظوا ويمنعوا.

وأخذها من أهل أذرح، وأهل الجرباء، وأهل تبالة، وجرش، وأهل أذرعات، وأهل مقنا وكان أهلها يهودًا، فصالحهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على ربع غزولهم، وثمارهم، وما يصطادون على العروك.

وأخذها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد ذلك من أهل اليمن، حيث أرسل معاذ بن جبل إليهم، فقال معاذ: بعثني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى اليمن وأمرني أن آخذ من كلِّ حالم دينارًا (١).

وروى أبو عبيد كتاب الرّسول إلى أهل اليمن حيث جاء فيه: من محمّد إلى أهل اليمن. وأنّه من أسلم من يهوديّ أو نصرانيّ؛ فإنّه من المؤمنين، له ما لهم وعليه ما عليهم، ومن كان على يهوديّته أو نصرانيّته فإنّه لا يفتن عنها وعليه الجزية (٢).

[٥ - تفسير الآية، وبيان الصواب في معنى: (الصغار).]

قال ابن كثير: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩)} (التوبة: ٢٩) فهم في نفس الأمر لما كفروا بمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يبق لهم إيمان صحيح بأحد من الرسل، ولا بما جاؤوا به، وإنما يتبعون آراءهم، وأهواءهم، وآباءهم فيما هم فيه، لا لأنه شرع اللَّه ودينه؛ لأنهم لو كانوا مؤمنين بما بأيديهم إيمانًا صحيحًا - لقادهم ذلك إلى الإيمان بمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأن جميع الأنبياء (الأقدمين) بشروا به، وأمروا باتباعه، فلما جاء وكفروا به، وهو أشرف الرسل، عُلِم أنهم ليسوا متمسكين بشرع الأنبياء الأقدمين لأنه من عند اللَّه، بل لحظوظهم


(١) أخرجه الترمذي (٦٢٣)، وأحمد (٥/ ٢٣٠)، والنسائي (٥/ ٢٥) من طرق عن معاذ بن جبل به، وقال الترمذي: حديث حسن، وصححه الألباني في الإرواء (٥/ ٩٦).
(٢) الموسوعة الفقهية الكويتية تحت مصطلح (جزية).

<<  <  ج: ص:  >  >>