للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتعبدهم به، ومثل ذلك قوله تعالى: {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} يعني: مثل السماوات؛ ليس يعني بذلك فيما خلقهن عليه، ولكنه على أن لهن من العدد مثل ما للسماوات من العدد (١).

[السنة والآثار]

١ - قال ابن منظور: وفي حديث المِقْداد أَن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أَلا إِنِّي أُوتِيتُ الكِتاب ومِثْلَه معه". قال ابن الأَثير: يحتمل وجهين من التأْويل؛ أَحدهما: أَنه أُوتِيَ من الوَحْي الباطِن غيرِ المَتْلُوِّ مثل ما أُعطيَ من الظاهر المَتْلُوِّ. والثاني: أَنه أُوتي الكتابَ وَحْيًا وأُوتي من البَيان مثلَه؛ أَي: أُذِنَ له أَن يبيِّن ما في الكتاب، فيَعُمَّ ويَخُصَّ، ويَزيد وينقُص، فيكون في وُجوب العَمَل به ولزوم قبوله كالظاهِر المَتْلوِّ من القرآن، وفي حديث المِقْدادِ قال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِن قَتَلْتَه كنتَ مِثْلَه قبلَ أَن يقولَ كلمته" أَي: تكون من أَهل النار إِذا قتلتَه بعد أَن أَسْلَمَ وتلفَّظ بالشهادة، كما كان هو قبل التلفُّظ بالكلمة من أَهل النار؛ لا أَنه يصير كافرًا بقتله، وقيل: إِنك مِثْله في إِباحة الدَّمِ؛ لأَن الكافرَ قبل أَن يُسْلِم مُباحُ الدم فإِن قتله أَحد بعد أَن أَسلم كان مُباحَ الدم بحقِّ القِصاصِ، ومنه حديث صاحب النِّسْعةِ: "إِن قَتَلْتَه كنتَ مِثْلَه". قال ابن الأَثير: جاء في رواية أَبي هريرة أَنَّ الرجلَ قال: (واللَّه ما أَردت قَتْله) فمعناه: أَنه قد ثَبت قَتْلُه إِياه، وأَنه ظالم له فإِن صَدَقَ هو في قوله: إِنه لم يرِد قَتْله ثم قَتَلْتَه قِصاصًا كنتَ ظالمًا مثلَه؛ لأَنه يكون قد قتلَه خطًا، وفي حديث الزكاة: (أَمَّا العبَّاس فإِنها عليه ومثلُها مَعها)، قيل: إِنه كان أَخَّرَ الصَّدَقة عنه عامَيْن؛ فلذلك قال: ومثلُها معها، وتأْخير الصدقةِ جائز للإِمام إِذا كان بصاحبها حاجةٌ إِليها، وفي رواية قال: (فإِنها عَليَّ ومثلُها معها) قيل: إِنه كان اسْتَسْلَف منه صدقةَ عامين؛ فلذلك قال عَليَّ، وفي حديث السَّرِقة: (فعَلَيْه غَرامةُ مِثْلَيْه) هذا على سبيل الوَعِيدِ والتغليظِ لا الوُجوبِ ليَنْتَهِيَ فاعِلُه عنه، وإِلّا فلا واجبَ على متلِف الشيء أَكثر من مِثْلِه، وقيل: كان في صدْر الإِسلام تَقَعُ


(١) مشكل الآثار ٢٢٢٧؛ حديث: (ما لا يتوضأ بفضله من الدواب).

<<  <  ج: ص:  >  >>