وُجدوا بعد قد أنابوا أباهم آدم ليخطيء بالنيابة عنهم، ومن ثَمَّ فإن كل إنسان فاسد بطبيعته وأيضا خاطيء وفاسد بأعماله، هذا هو جوهر الخطأ والباطل والظلم، واللامعقول الذي بُنيت عليه عقائد المسيحية كلها، ففيه مصادمة للعدالة الإلهية التي قضت، قال تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (٤٠) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (٤١)} (النجم ٣٨: ٤١)، وقال تعالى: {فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (١٢١) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} (طه ١٢١: ١٢٢).
وهم يعتقدون أن آدم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عندما أخطأ قد ناب عن نسله في الخطيئة، وفي هذا الاعتقاد مصادمة للحقيقة التي تقول إن الإنسان يُولد على الفطرة والبراءة، كما تدَّعي هذه العقيدة - في الخطيئة - أن سبب كل هذا السقوط الجماعي والأبدي وكل هذه اللعنة إنما هو التطلع إلى شجرة المعرفة، وكل هذا التصوير الظالم لحال آدم وذريته واللعنة المؤبدة والموروثة لماذا؟ لكي يصبح فداء المسيح - بذبحه وصلبه - مبَررًا.
ومن النصوص التي تكشف عن المنطق الظالم لهذه العقائد ما ينسبونه إلى الله تعالى عن ذلك من قوله (من عثر في واحدة فقد صار مجرمًا في الكل)، فأين هذا من العدل الإلهي القائل: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)}، وقال تعالى:{إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا}(١).
[الوجه الرابع: أليس منطق العقل يقضي بأن يتحمل كل إنسان نتيجة عمله؟]
القول بأن خطيئة آدم يتحملها كل أبنائه من بعده، فإن كتبهم المقدسة تنفي أن يتحمل الولد ذنب الوالد، ويرفض أن تزر وازرة وزر أخرى، فقد جاء في التوراة كتابهم المقدس (الابن لا يحمل إثم أبيه، والأب لا يحمل إثم الابن، وعدل العادل يكون عليه، ونفاق المنافق يكون عليه)، وهذا يتفق مع القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ
(١) رد الأزهر على كتاب ما هي حتمية كفارة المسيح؟ لمحمد عمارة (١٤٢٦ هـ).