للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكر الطبري جملة من هذه الأقوال ثم قال:

وأولى هذه الأقوال بالصواب، قولُ من قال: معنى ذلك: ولا حرج عليكم، أيها الناس، فيما تراضيتم به أنتم ونساؤكم من بعد إعطائهن أجورهن على النكاح الذي جرى بينكم وبينهن، من حطِّ ما وجب لهنَّ عليكم، أو إبراء، أو تأخير ووضع.

وذلك نظير قوله جل ثناؤه: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (٤)} (سورة النساء: ٤). (١)

ثانيًا: الأدلة التي استدلوا بها من السنة والرد عليها:

استدل المخالفون بأحاديث إما صحيحة ونُسخت، أو تأولوها لتوافق أهواءهم، أو ضعيفة لا يُعتبر بها.

فقد استدلوا بأحاديث وهي إما منسوخة، أو أنهم أولوها علي مرادهم في إباحة نكاح المتعة.

الدليل الأول: عَنْ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- يَقُولُ: كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لَيْسَ لَنَا نِسَاءٌ فَقُلْنَا: أَلَا نَسْتَخْصي فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ رَخَّصَ لَنَا أَنْ نَنْكِحَ الْمَرْأَةَ بِالثَّوْبِ إِلَى أَجَلٍ ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٨٧)}. (٢)

والجواب عليه من هذه الوجوه:

الوجه الأول: الحديث نفسه يبين أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عنها بعد ذلك.

قلت: وهذه فائدة جمع طرق الحديث فبها يتضح المراد فقد أخرجه عبد الرزاق في المصنف عن عبد اللَّه بن مسعود قال: "كنا نغزو مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فتطول عزبتنا فقلنا:


(١) تفسير الطبري (٥/ ١٤).
(٢) أخرجه البخاري (٥٠٧٥)، ومسلم (١٤٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>