يسمع بصوت أقدام تتسلق الجبل؛ لتُعَرِّفه بأن أحدًا ما يريد الصعود للغار، ثم إن جبريل أمره بالقراءة وضمه، وكل ذلك أمورٌ عجيبة تستحق أن يفزع منها محمد ويخاف على نفسه.
[شبهة: خطبة ورقة بن نوفل أثناء زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - من خديجة.]
الشبهة تتعلق بقولهم:(وخطب القس ورقة ولي أمر خديجة وقال: الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت، وفضّلنا على ما عددت، فنحن سادة العرب وقادتها، وأنتم أهل ذلك كله لا تنكر العشيرة فضلكم، ولا يردُّ أحدٌ من الناس فخركم ولا شرفكم، وقد رغبنا في الاتصال بحبلكم وشرفكم، فاشهدوا يا معشر قريش بأني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله).
كما تكلم عمُّها عمرو بن أسد فقال:(اشهدوا عليّ يا معاشر قريش أنّي قد أنكحت محمد بن عبد الله خديجة بنت خويلد وشهد على ذلك صناديد قريش).
إذن القس ورقة لم يكن فقط حاضرًا حفلة الزواج ومتقدمًا على الحاضرين؛ بل كان محتفلًا بالعقد ومكللًا، فهو الذي أبرم العقد وشهد عليه وأعلن على الحضور ما جرى؛ فهو المحتفل الأول بالعقد أو قل هو الكاهن الذي ربط باسم الله ما لا يحل إنسان بحسب تعاليم الأبيونيين؛ كاهن نصراني يبارك الزواج فعلى أي دين يكون الزوجان إذن؟ ودليل واضح على تخطيط ورقة لإنجاح مهمة محمد فيما بعد، فالقس دبَّر، والزوجة نفذت، والعم عضد، والنبي استسلم لإرادة الله؛ على هؤلاء قامت الدعوة الجديدة.
الردود على الشبهة من عدة وجوه:
١ - الروايات الموثقة في الكتب المعتمدة لم تتعرض لمسألة خُطبة ورقة بن نوفل، ولا توكيله في عقد زواج النبي مع خديجة إلا ما في السيرة الحلبية (١)، ولكن نقول إذا تفرد
(١) السيرة الحلبية: يعتمد مؤلفها وهو علي بن برهان الدين الحلبي الشافعي على كتاب عيون الأثر لابن سيد الناس واختصر منه الأسانيد، ومن سيرة الشمس للشامي، وحلَّى كتابه بتوزيع همزية البوصيري بحسب أحداث السيرة، كما يذكر شيئًا من أبيات تائية السبكي، وأبيات ابن سيد الناس في ديوان: بشرى اللبيب بذكرى الحبيب، وكثيرًا ما ينسب النقول إلى قائليها وكتبهم، والأحاديث إلى مخرجيها وأحيانًا يحكم عليها، وقد أطال في آخر =