للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالطبع لا، فالرؤيا ليس لورقة أدنى تدخل فيها؛ بل ولا الشيطان؛ لأن الشيطان لا يعلم الغيب حتى يأتي لمحمد في منامه ليخبره ما سيحدث، وفي الكتاب المقدس إقرار بأن الرؤيا الصالحة كانت من المبشرات الدالة على صدق الأنبياء: "سَتَأْتِي مُصِيبَةٌ عَلَى مُصِيبَةٍ، وَيَكُونُ خَبَرٌ عَلَى خَبَرٍ، فَيَطْلُبونَ رُؤْيَا مِنَ النَّبِيِّ، وَالشَّرِيعَةُ تُبَادُ عَنِ الْكَاهِنِ، وَالْمَشُورَةُ عَنِ الشُّيُوخِ". (سفر حزقيال: ٧/ ٢٦).

"تَاخَتْ فِي الأَرْضِ أَبْوَابُهَا. أَهْلَكَ وَحَطَّمَ عَوَارِضَهَا. مَلِكُهَا وَرُؤَسَاؤُهَا بَيْنَ الأُمَمِ. لَا شَرِيعَةَ. أَنْبِيَاؤُهَا أَيْضًا لَا يَجِدُونَ رُؤْيَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ" (سفر مراثي أرميا: ٢/ ٩).

فثابتٌ عند المسلمين أن الرؤيا الصالحة وباقي المبشرات كانت من التوطئة لنبوة محمد، فلا يحق لغير المسلمين أن ينكروا ما ثبت بالأخبار الصحيحة والأسانيد المتصلة.

فإن قال قائل: فما سبب ذهاب محمد لورقة مع أنه رأي مبشرات أخرى غير الناموس تبين أنه نبي؟ قيل له: إما لأن المبشرات التي رآها النبي كانت بعد نزول الناموس؛ وإما لأن الإنسان إذا رأي في المنام رؤيا حتى ولو كانت تتحقق في الواقع قد لا ينزعج بقدر ما يرى أشياءً لم يرها من قبل فيفاجأ بها أمام عينيه، فموسى عندما كلَّمه الله لم يفزع بقدر ما فزع من تحول العصا لثعبان.

قال تعالى: {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٢٩) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَامُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٣٠) وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَامُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ (٣١)} [القصص: ٢٩ - ٣١].

فالنبي محمد لو أنه رأى رؤيا توضح له أنه نبي أو أن الله كلَّمه ليخبره بأنه نبي ما كان ليفزع بقدر ما فزع من رؤية الناموس، فمحمد كان في الغار ولا يوجد أحد يصل إلى الغار إلا هو، فقد اختار غار حراء ليعتزل فيه عن الناس، وفجأة وجد جبريل أمام عينيه بالرغم من أنه لم

<<  <  ج: ص:  >  >>