للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصواب، فإن من أحكم القراءة، وأتقن الرواية، وضبط الخلاف، وعُرف عنه التمكن في ذلك إن طلب الإجازة ممن لم يقرأ عليه أو قرأ عليه البعض ولم يكمل ليعلو إسناده أو لتكثر طرقه فله أن يروي بها متى أجيز.

وقد اقتصر علماء القراءات على هذه الأنواع الثلاثة من طرق الأخذ والتحمل دون غيرها مما ذكره علماء الحديث، وإن وجد فلا اعتداد به ولا اعتبار له عندهم ولم يأخذوا به (١).

هذا وإن المطالع لمقدمات كتب القراءات المعتبرة الجامعة للروايات والطرق التي تلقى بها أولئك الأئمة يقف مشدودا أمام ذلك الكم الهائل من الأسانيد التي أحيطت بالعناية والرعاية حتى تصل إلى منتهاها؛ بل إن علماء القراءات ما زالوا يحتفظون بأسانيدهم المتصلة إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى الآن.

ومثل هذا التحري يقال في التحريرات أيضًا؛ لأنّ المحررين مجمعون على تواتر ما في كتاب النشر جملة إلّا أنّ حرصهم على عدم الخلط بين الروايات والطرق جعلهم يختلفون في بعض المسائل، وهذا يدلّ على بلوغهم أعلى مراتب الحرص والاعتناء بالقرآن الكريم ولا يزيد ذلك إلّا شرفًا للأمّة المحمدية، ولا شكّ أنّ المبالغة في الاعتناء أولى من التساهل.

[المبحث الثالث: مراحل جمع القرآن، والفرق بين كل مرحلة.]

جُمِع القرآن ثلاث مرات وهي:

[المرحلة الأولى: جمع القرآن في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -.]

كتب القرآن كله في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكن لم يجمع في موضع ولم ترتب سوره.

قال الحاكم: جُمع القرآن ثلاث مرات. إحداها: بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم أخرج بسنده عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه -، قال: كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، نؤلف القرآن من الرقاع. الحديث (٢).


(١) مجلة البحوث الإسلامية ٧٠/ ٣٧٠ - ٣٧٩.
(٢) الحاكم في المستدرك ٢/ ٦٦٨، مسند أحمد ٥/ ١٨٤، والترمذي (٣٩٥٤)، وقال: هذا حديث حسن غريب، وصححه الألباني في صحيح الترمذي (٣٩٥٤)، وانظر: الإتقان في علوم القرآن ١/ ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>