للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: إن هذا كان ليوسف خاصة، وهذ اليوم غير جائز. (١)

[الوجه الثالث]

فرعون يوسف - عليه السلام - كان صالحًا، وإنما الطاغي الكافر هو فرعون موسى (٢).

[الوجه الرابع]

أن شرع يوسف - عليه السلام - لم يكن شريعة عامة تلزم جميع الناس في زمنه، وإنما هو ملتزم بها مع أبناء يعقوب، وإنما كانت دعوته لأهل مصر إلى التوحيد والإيمان، ولا دليل على وجود شريعة ملزمة أرسل بها يوسف إليهم، وكانت لازمة لهم فردوها ولم يعملوا بها، ولا يتم الاستدلال بجواز تولي الولايات للكفرة والظلمة وممارسة الظلم فضلًا عن الكفر إلا بإثبات ذلك، وإثبات أن يوسف بعد ردهم للشريعة ظلَّ يطبق فيهم شرعتهم الباطلة المخالفة لشرع الله، ولا سبيل إلى إثبات ذلك بوجه من الوجوه (٣).

[الوجه الخامس: أن الاستدلال بقصة يوسف - عليه السلام - في هذه المسألة مبني على أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه.]

فلو سلمنا أن يوسف كان يباشر مخالفة الشرع والظلم - وحاشاه من ذلك - عليه السلام -، ونحن بحمد الله لا نسلم بذلك ولا نقره - لما كان في ذلك حجة؛ لأن شرعنا ورد بخلاف ذلك في مواطن مختلفة من ذلك قوله تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، وقوله تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (١١٣) وقوله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (٩)}، ومن ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سيكون بعدي أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها، ويقربون شرار الناس، فمن أدرك ذلك فلا يكونن لهم عريفًا، ولا شرطيًا، ولا خازنًا، ولا جابيًا" (٤).


(١) الجامع لأحكام القرآن (٩/ ٢٢٠).
(٢) تفسير الماوردي (٣/ ٢٤٢).
(٣) تأملات في سورة يوسف (١٥٦).
(٤) صحيح ابن حبان (٥٤٨٦)، وسكت عنه المنذري، وحسنه الألباني في الصحيحة (٣٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>