للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينفي مماثلة المخلوقات (١).

الأساس الخامس: إجراء الصفات على ظاهرها: فالواجب في نصوص القرآن والسنة إجراؤها على ظاهرها دون تحريف؛ لاسيما نصوص الصفات حيث لا مجال للرأي فيها:

ودليل ذلك السمع والعقل: أما السمع: فقوله تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥)} (الشعراء: ١٩٣ - ١٩٠) وقوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢)} (يوسف: ٢). وقوله: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣)} [الزخرف: ٣].

وهذا يدلُّ على وجوب فهمه على ما يقتضيه ظاهره باللسان العربي إلا أن يمنع منه دليلٌ شرعي.

وأما العقل: فلأن المتكلم بهذه النصوص أعلم بمراده من غيره وقد خاطبنا باللسان العربي فوجب قبوله على ظاهره وإلا لاختلفت الآراء وتفرقت الأمة (٢).

تنبيه: ليس معنى إجراء النصوص على ظاهرها أنَّها غير مفهومة المعنى، بل هي معلومة لنا باعتبار ومجهولة لنا باعتبار آخر.

فباعتبار المعنى هي معلومة، وباعتبار الكيفية التي هي عليها مجهولة. وقد دلَّ على ذلك السمع والعقل.

أما السمع: فمنه قوله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (ص: ٢٩)، والتدبرُ لا يكون إلا فيما يمكن الوصول إلى فهمه ليتذكر الإنسان بما فهمه منه.

وكون القرآن عربيًا ليعقله من يفهم العربية، يدلُّ على أن معناه معلوم وإلا لما كان فرقٌ بين أن يكون باللغة العربية أو غيرها، وبيان النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن للناس شامل لبيان لفظه وبيان معناه.

وأما العقل: فلأن من المحال أن يُنزِّلَ الله تعالى كتابًا، أو يتكلم رسوله - صلى الله عليه وسلم - بكلام، يقصد بهذا الكتاب وهذا الكلام أن يكون هداية للخلق؛ ويبقى في أعظم الأمور وأشدها


(١) فتاوى ابن تيمية (٦/ ٣٧).
(٢) القواعد المثلى (٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>