فإن الذنوب مطلقًا من جميع المؤمنين هي سبب العذاب لكن العقوبة بها في الآخرة في جهنم تندفع بنحو عشرة أسباب:
[السبب الأول: التوبة]
فإن التائب من الذَّنْبَ كمن لا ذنب له والتوبة مقبولة من جميع الذنوب الكفر والفسوق والعصيان، قال الله تعالى:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}[الأنفال: ٣٨]، وقال تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٧٣) أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧٤)} [المائدة: ٧٣، ٧٤]، فالتوبة عامة لكل عبد مؤمن كما قال تعالى: {لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٧٣)} [الأحزاب: ٧٣].
وقد أخبر الله في كتابه عن توبة أنبيائه ودعائهم بالتوبة كقوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٣٧)} [البقرة: ٣٧]، وقال موسى - عَلَيْهِ السَّلَام - {قَال رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٦)} [القصص: ١٦]، فالتوبة مشروعة لكل عبد للأنبياء ولمن دونهم وأن الله سبحانه يرفع عبده بالتوبة وإذا ابتلاه بما يتوب منه فالمقصود كمال النهاية لا نقص البداية فإنه تعالى يحب التوابين ويحب المتطهرين وهو يبدل بالتوبة السيئات حسنات والذنب مع التوبة يوجب لصاحبه من العبودية والخشوع والتواضع والدعاء وغير ذلك مالم يكن يحصل قبل ذلك ولهذا قال طائفة من السلف إن العبد ليفعل الذَّنْبَ فيدخل به الجَنَّة ويفعل الحسنة فيدخل بها النار يفعل الذَّنْبَ فلا يزال نصب عينيه إذا ذكره تاب إلى الله ودعاه وخشع له فيدخل به الجَنَّة ويفعل الحسنة