للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرابع عشر: الإنذار والتهديد في قوله: {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} (المائدة: ٩٢) أي: فإن توليتم وأعرضتم عن الطاعة فاعلموا أنما على رسولنا أن يبين لكم ديننا وشرعنا؛ وقد بلغه وأبانه، وقرن حكمه بأحكامه وعلينا نحن الحساب والعقاب وسترونه في إبانه كما قال: {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} (الرعد: . ٤). وإنما الحساب لأجل الجزاء. (١)

الدليل الثاني: قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ. . .} (الأعراف: ٣٣)، والخمر من الإثم.

قال أبو جعفر النحاس: قال جماعة من الفقهاء: تحريم الخمر بآيتين من القرآن بقوله عز وجل: {قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ}، وبقوله عز وجل: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ}، فلما حرم الإثم وأخبر أن في الخمر إثمًا وجب أن تكون محرمة (٢).

[الوجه الثاني: آية تحريم الخمر ناسخة للآيات الأخر.]

قال الشنقيطي: قوله تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا}. هذه الآية الكريمة يفهم منها أن السُكر المتخذ من ثمرات النخيل والأعناب لا بأس به لأن اللَّه امتن به على عباده في سورة الامتنان التي هي سورة النحل، وقد حرّم تعالى الخمر بقوله: {رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}؛ لأنه وصفها بأنها رجس وأنها من عمل الشيطان وأمر باجتنابها ورتب عليه رجاء الفلاح، ويفهم منه أن من لم يجتنبها لم يفلح وهو كذلك، وقد بيَّن -صلى اللَّه عليه وسلم- أن كل ما خامر العقل فهو خمر وأن كل مسكر حرام وأن ما أسكر كثيره فقليله حرام.


(١) تفسير المنار (٧/ ٦٣ - ٦٥).
(٢) الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس (١/ ٥٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>