للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧ - شبهة: أتى باسم الموصول العائد على الجمع مفردًا.

نص الشبهة: جاء في سورة التوبة: {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} (التوبة: ٦٩)، والقياس أن يجمع الاسم الموصول العائد على ضمير الجمع فيقول: خضتم كالذين خاضوا.

والرد من وجوه:

الوجه الأول: (الذي) و (أن) المصدرية يتقارضان (أي: يتبادلان)، فتقع (الذي) مصدرية (ينسبك منها مع ما بعدها مصدر) كقوله (من الطويل) وهو جميل بثينة:

أتقرَحُ أكبادُ المحبّينَ كالذي ... أرى كبِدي منْ حُبِّ ميّةَ تقرَحُ (١)

والشاهد قوله: كالذي أرى - يريد: كرؤية كبدي.

ووقوع الذي مصدرية قال به يونُس والفرّاء والفارسيّ، وارتضاه ابن خروف وابن مالك، وجعلوا منه: {ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ} (الشورى: ٢٣)، {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا}. (٢)

وعليه فيكون المعنى في قوله: {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} يريد: كخوضهم الذي خاضوا. (٣) فـ (الذي) صفة مصدر محذوف دل عليه الفعل. (٤)

فيكون التقدير: كالفوج الذي خاضوا، وكالخوض الذي خاضوه. (٥)

[الوجه الثاني]

المعنى: كالذي يعني: كالذين خاضوا، وذلك أن (الذي) اسم ناقص مثل (ما) و (من) يعبر به عن الواحد والجميع، نظيره قوله تعالى: {كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا}، ثم قال: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ}. (٦)


(١) البيت لجميل بثينة في ديوانه ص ٤٦، وشرح شواهد المغني ٨٩٧.
(٢) مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام ٢/ ٢٧٣، وانظر: شرح الأشموني على ألفية ابن مالك ١/ ١٦٤.
(٣) معاني القرآن للفراء ١/ ٤٤٦.
(٤) تفسير الرازي ١٦/ ١٢٨.
(٥) إملاء ما مَنَّ به الرحمن للعكبري ٢/ ١٨، الكشاف للزمخشري ٢/ ٢٨٨، تفسير القرطبي ٨/ ١٨٦.
(٦) تفسير البغوي ٢/ ٣٠٩، البحر المحيط ٥/ ٧٠، تفسير القرطبي ٨/ ١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>