للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشهرستاني: كان مزدك ينهى الناس عن المخالفة والمباغضة والقتال، ولما كان أكثر ذلك إنما يقع بسبب النساء والأموال، أحل النساء وأباح الأموال وجعل الناس شركة فيهما كاشتراكهم في الماء والنار والكلأ. (١)

وكان عندهم تقديس الأكاسرة، ملوك فارس حيث كانوا يدعون أنه يجري في عروقهم دم إلهي، وكان الفرس ينظرون إليهم كآلهة، ويعتقدون أن في طبيعتهم شيئا علويا مقدسا فكانوا يكفرون لهم، وينشدون الأناشيد بألوهيتهم، ويرونهم فوق القانون وفوق الاعتقاد وفوق البشر، لا يجري اسمهم على لسانهم؛ ولا يجلس أحد في مجلسهم، ويعتقدون أن لهم حقًّا على كل إنسان، وليس لإنسان حق عليهم وأن ما يرضخون لأحد من فضول أموالهم وفتات نعيمهم إنما هو صدقة وتكرم من غير استحقاق، وليس للناس قِبلهم إلا السمع والطاعة، وخصصوا بيتًا معينًا- وهو البيت الكياني فكانوا يعتقدون أن لأفراده وحدهم الحق أن يلبسوا التاج ويجبوا الخراج، وهذا الحق ينتقل فيهم كابرًا عن كابر وأبًا عن جد لا ينازعهم ذلك إلا ظالم ولا ينافسهم إلا دعي نذل، فكانوا يدينون بالملك والوراثة في البيت المالك لا يبغون به بدلًا ولا يريدون عنه محيصًا، فإذا لم يجدوا من هذه الأسرة كبيرًا ملكوا عليهم طفلًا، وإذا لم يجدوا رجلًا ملكوا عليهم امرأة فقد ملكوا بعد شيرويه ولده أزدشير وهو ابن سبع سنين وملك فرُّخ زاد خسروا ابن كسرى أبرويز وهو طفل، وملكوا بوران بنت كسرى، وملكت كذلك ابنة كسرى ثانية يقال لها أزرمي دخت ولم يخطر ببالهم أن يملكوا عليهم قائدًا كبيرًا أو رئيسًا من رؤسائهم مثل رستم وجابان وغيرهما لأنهم ليسوا من البيت الملكي. (٢)

رابعًا: الصين: وكانت تسود الصين في هذا القرن ثلاث ديانات؛ ديانة لا وتسو، وديانة كونفوشيوس، والبوذية.

أما الأولى: ففضلًا عن أنها تحولت وثنية في عهد قريب فهي تُعني بالنظريات أكثر منها


(١) الملل والنحل (١/ ٢٤٨).
(٢) ماذا خسر العالم (ص ٥٨ - ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>