[الثمرة الثالثة: أن الدين الذي أتى به النبي - صلى الله عليه وسلم - من عند الله.]
[تمهيد]
مصدر الإسلام، ومشرّع أحكامه ومناهجه، هو الله تعالى فهو وحيه إلى رسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم - باللفظ والمعنى (القرآن الكريم) وبالمعنى دون اللفظ (السنّة النّبويّة). فالإسلام بهذه الخصيصة يختلف اختلافًا جوهريًّا عن جميع الشرائع الوضعية؛ لأن مصدرها الإنسان، أما الإسلام فمصدره رَبُّ الإنسان. إنّ هذا الفرق الهائل بين الإسلام وغيره لا يجوز إغفاله مطلقًا ولا التقليل من أهميته.
أولًا: النصوص الدالة على أن الإسلام من عند الله.
[من القرآن الكريم]
قال تعالى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}[القدر: ١]، وقال تعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ}[الحجر: ٨٧]، وقال تعالى:{وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ}[النمل: ٦]، وقال تعالى:{نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ}[آل عمران: ٣]، وقال تعالى {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[السجدة: ٢].
ثانيًا: من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -:
عن المقدام بن معدِيكَرِب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَلَا إني أُوتيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ (السَّرير) يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ. . .". (١)
[مميزات كون دين الإسلام من عند الله]
[الميزة الأولى: كماله وخلوه من النقائص]
ويترتب على كون الإسلام من عند الله كمالُه وخلوُّه من معاني النقص والجهل والهوى والظلم، لسبب بسيط واضح هو أن صفات الصانع تظهر في ما يصنعه .. ولما كان الله
(١) أخرجه أحمد (٤/ ١٣٠)، وأبو داود (٤٦٠٤)، واللفظ له، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٢٦٤٣).