أضاف هؤلاء صفة الشم لله تعالى، ولم ترد في الكتاب ولا في السنة الصحيحة ولكنهم تأولوها من الأحاديث التي وردت في فضل خلوف فم الصائم فقالوا: الله يشم رائحة فم الصائم ويحب رائحة فمه أكثر من المسك.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، ولخُلُوفُ فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك".
والجواب عن ذلك من وجوه:
[الوجه الأول: إثبات صفة استطابة الروائح.]
قال ابن القيم: ومن المعلوم أن أطيب ما عند الناس من الرائحة رائحة المسك، فمَثَّلَ النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الخلوف عند الله تعالى بطيب رائحة المسك عندنا وأعظم، ونسبةُ استطابة ذلك إليه - سبحانه وتعالى - كنسبة سائر صفاته وأفعاله إليه فإنها استطابة لا تماثل استطابة المخلوقين، كما أن رضاه، وغضبه، وفرحه، وكراهته، وحبه، وبغضه لا تماثل ما للمخلوق من ذلك، كما أن ذاته - سبحانه وتعالى - لا تشبه ذوات خلقه، وصفاته لا تشبه صفاتهم وأفعالهم، وهو - سبحانه وتعالى - يستطيب الكلم الطيب فيصعد إليه، والعمل الصالح فيرفعه، وليست هذه الاستطابة كاستطابتنا، ثم إن تأويله لا يرفع الإشكال؛ إذ ما استشكله هؤلاء من الاستطابة يلزم مثله الرضا، فإن قال: رضا ليس كرضا المخلوقين، فقولوا: استطابة ليس كاستطابة المخلوقين، وعلى هذا جميع ما يجيء من هذا الباب. (١)
[الوجه الثاني: ليس في الحديث صفة الشم لله.]
وإنما هذا من تحريف الكلم عن مواضعه، فصفات الله - تعالى - نوردها كما جاءت في كتاب الله تعالى، وكما جاءت في السنة الصحيحة، وتأتي على ظاهرها لا تأويلًا ولا استنباطًا.