للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الشبهة الثالثة: اتكالهم على أن العبرة بالأخلاق وليس بالثياب.]

قالوا: إن تربية المرأة تنبع من الباطن، فالفتاة التي تربت ونشئت على الأخلاق الفاضلة لن يشرد بها عن الفضيلة شكل الثوب الذي ترتديه، كما أن الفتاة التي نشأت على الانحراف وربيت بعيدة عن الفضيلة، لن تكسبها الفضيلة جلباب سابغ ترتديه، أو خمار تديره على أطراف وجهها أو حتى نقاب تسدله عليه، وربما ضربوا أمثلة وهمية أو صحيحة بفتيات متحجبات وربما متنقبات، ضبطن بأعمال وسلوكيات شائنة.

الجواب على هذه الشبهة من هذه الوجوه:

[الوجه الأول: كلام حق أريد به باطل.]

نقول: صحيح أن التربية تنبع من الباطن، ولا تلتصق عن طريق ثياب من الخارج، وما كان لشكل الثياب أو نوعها أن يقوم يومًا ما مقام التربية ومناهجها.

ولكن من الذي قال لكم، من علماء الشريعة الإسلامية: إن الحجاب إنما شرع ليكون ضابط خلق وأداة تربية سلوكية للفتاة، أو في أي مصدر من مصادر الشريعة الإسلامية عثرتم على نص يؤكد ذلك؟

إن هذا الافتراض الوهمي الذي لا يوجد أي سند له، ينطبق على المثل العربي القائل: زنَّاه فحده. (١)

[الوجه الثاني: من الحكم التي شرع من أجلها الحجاب إخفاء المثيرات الجنسية والمفاتن الغريزية عند الشباب.]

إن الحكمة الباعثة على مشروعية الحجاب تتمثل في ذلك البيان المنطقي الذي أتينا عليه مفصلًا، والذي لا مجال لإدخال أي ريبة فيه، وقد ذكرها القرآن في نص جامع مركز، وهو قوله -عزَّ وجلَّ-: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} (الأحزاب: ٥٩).

{ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} تلك هي الحكمة، هل قرأتموها ووقفتم بأدنى تدبر عندها؟


(١) أي ألصق به الزنا افتراءً، ليخضعه للعقاب عليه قسرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>