للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثامن: اغسل ثيابك بالماء، ونقِّها، قاله ابن سيرين، وابن زيد. (١)

وقال البيضاوي: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤)} [المدثر: ٤] من النجاسات؛ فإن التطهير واجب في الصلوات محبوب في غيرها، وذلك بغسلها أو بحفظها عن النجاسة بتقصيرها، مخافة جر الذيول فيها، وهو أول ما أمر به من رفض العادات المذمومة، أو طهر نفسك من الأخلاق الذميمة والأفعال الدنيئة فيكون أمرًا باستكمال القوة العملية، بعد أمره باستكمال القوة النظرية والدعاء إليه، أو فطهر دثار النبوة عما يدنسه من الحقد والضجر وقلة الصبر (٢).

فنجد من ذلك أن الآيات لا تطعن في طهر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا في طهارة جسده قلبًا وقالبًا.

أما الرجز الذي أمر الله عزّ وجلَّ نبيه - صلى الله عليه وسلم - بأن يهجره، فليس الرجس بمعنى الدنس، وذلك فيما يلى: قال ابن الجوزي:

وفي معنى "الرجز" للمفسرين ستة أَقوال:

أحدها: أنه الأصنام، والأوثان، قاله ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وقتادة، والزهري، والسدي، وابن زيد.

والثاني: أنه الإثم، روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - أيضا.

والثالث: الشرك، قاله ابن جبير، والضحاك.

والرابع: الذنب، قاله الحسن.

والخامس: العذاب، قاله ابن السائب، قال الزجاج: الرجزُ في اللغة: العذاب. ومعنى الآية: اهجر ما يؤدِّي إلى عذاب الله، والسادس: الشيطان، قاله ابن كيسان (٣).

الوجه الثاني: سبب نزول آية: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤)}

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يحدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ فَقَالَ فِي حَدِيثهِ: "فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا المُلَكُ الَّذِي جَاءَنِي


(١) زاد المسير (٨/ ٤٠١: ٤٠٠)، تفسير ابن كثير (٤/ ٥٦٦).
(٢) تفسير البيضاوي ١/ ٤١١.
(٣) زاد المسير (٨/ ٤٠٢: ٤٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>