للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوجه الثاني: مبررات ترشيح زيد دون ابن مسعود.]

قال ابن حجر: والعذر لعثمان في ذلك أنه فعله بالمدينة وعبد الله بالكوفة، ولم يؤخر ما عزم عليه من ذلك إلى أن يرسل إليه ويحضر. وأيضًا؛ فإن عثمان إنما أراد نسخ الصحف التي كانت جمعت في عهد أبى بكر وأن يجعلها مصحفًا واحدًا، وكان الذي نسخ ذلك في عهد أبى بكر هو زيد بن ثابت كما تقدم لكونه كان كاتب الوحي فكانت له في ذلك أولية ليست لغيره. (١)

قال الذهبي: قلت: إنما شق على ابن مسعود لكون عثمان ما قدمه على كتابة المصحف، وقدم في ذلك من يصلح أن يكون ولده، وإنما عدل عنه عثمان لغيبته عنه بالكوفة، ولأن زيدًا كان يكتب الوحي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهو إمام في الرسم، وابن مسعود إمام في الأداء، ثم إن زيدًا هو الذي ندبه الصديق لكتابة المصحف وجمع القرآن فهلا عتب على أبي بكر؟ ، وفي مصحف ابن مسعود أشياء أظنها نسخت، وأما زيد فكان أحدث القوم بالعرضة الأخيرة التي عرضها النبي - صلى الله عليه وسلم - عام توفي على جبريل (٢).

الوجه الثالث: لم يوافق ابنَ مسعود على غل المصاحف وإخفائها أحدٌ من الصحابة

قال الزهري: فبلغني أن ذلك كرهه من مقالة ابن مسعود رجال من أفاضل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - (٣).

وعن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل قال: أتى عليَّ رجل وأنا أصلي، فقال: ثكلتك أمك ألا أراك تصلي، وقد أمر بكتاب الله أن يمزق كل ممزق، قال: فتجوزت في صلاتي وكنت أجلس فدخلت الدار ولم أجلس، ورقيت فلم أجلس، فإذا أنا بالأشعري وحذيفة وابن مسعود يتقاولان، وحذيفة يقول لابن مسعود: ادفع إليهم هذا المصحف. قال: والله لا أدفعه إليهم أقرأني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضعًا وسبعين سورة ثم أدفعه إليهم والله لا أدفعه إليهم (٤).


(١) فتح الباري ٩/ ١٩.
(٢) سير أعلام النبلاء ١/ ٤٨٨، وراجع تاريخ مدينة دمشق ٣٣/ ١٤٠.
(٣) الترمذي (٣١٠٤)، وهذا جزء من حديث الزهري، عن أنس عن حذيفة في قصة جمع عثمان للقرآن، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(٤) المستدرك على الصحيحين ٢/ ٢٤٧، وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>