فإن كانت مخلقة سأل عن صفتها، وإن كانت غير مخلقة مجتها الرحم دما؛ وذلك في الحديث المرفوع الذي رواه ابن جرير الطبري بسنده عن ابن مسعود -إسناد صحيح كما قال الحافظ ابن حجر- وهو موقوف لفظًا على عبد اللَّه بن مسعود قال: إذا وقعت النطفة في الرحم بعث اللَّه ملكًا فقال: يا رب مخلقة أو غير مخلقة؟ فإن قال غير مخلقة، مجتها الأرحام دما، وإن قال مخلقة قال: يارب فما صفة هذه النطفة؟ فينطلق الملك فينسخها فلا تزال معه حتى يأتي على آخر صفتها، وهذا الحديث يشير بوضوح إلى أن زمن حدوث الغيض أو الإسقاط التلقائي يكون في فترة تخليق الأجنة في الأسابيع الستة الأولى.
[ما هو السقط، وماذا يعنى في علم الأجنة الحديث؟]
يمكننا القول بأن السقط المفسر للغيض والمراد في كلام علماء اللغة والتفسير هو: الجنين الذي سقط من بطن أمه قبل اكتمال خلقه، أو هو الجنين الذي يهلك في الرحم ويتحلل ويغور وتختفي آثاره منها ويصدق عليه أن الرحم تبتلعه كما تبتلع الأرض الماء فهل لهذا المعنى ما يوافقه في علم الأجنة الحديث؟
نقول بكل يقين: نعم فالأجنة عندما تهلك في الأسابيع الثمانية الأولى من عمرها: إما أن تسقط خارج الرحم، أو تحلل وتختفي تماما من داخله، ويسمى علماء الأجنة هذا الهلاك بصورتيه: الإسقاط التلقائي المبكر؟ وهو متوافق تماما مع أقوال علماء اللغة والتفسير في تعريفهم للغيض، وعليه يمكننا أن نقول: بأن غيض الأرحام هو الإسقاط التلقائي المبكر.
ثانيًا: تحرير الحقيقة العلمية:
[١ - ما هو الإسقاط التلقائي المبكر؟]
يطلق الإسقاط التلقائي المبكر (spontaneous abortion) على كل حالة يسقط فيها الحمل تلقائيًا قبل الأسبوع العشرين من عمره، أو عندما يكون وزن الجنين أقلّ من ٥٠٠ جم، ومعظم حالات الإسقاط التلقائي تحدث خلال الأسابيع الثمانية الأولى من الحمل؛ ويسمى الإسقاط التلقائي المبكر؛ وهو ظاهرة شائعة؛ ونسبة حدوثه كبيرة وغالبًا يحدث بدون دراية من الأم بالحمل، والغالب أن كل امرأة تتأخر لديها الدورة الشهرية مدة