للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد أجاب ابن كثير عن سجود الشمس تحت العرش بما حاصله: أن العرش قبة ذات قوائم تحمله الملائكة، وهو فوق العالم مما يلي رؤوس الناس؛ فالشمس إذا كانت في قبة الفلك وقت الظهيرة تكون أقرب ما تكون إلى العرش، فإذا استدارت في فلكها الرابع إلى مقابلة هذا المقام، وهو وقت نصف الليل صارت أبعد ما تكون من العرش؛ فحينئذ تسجد وتستأذن في الطلوع كما جاءت بذلك الأحاديث.

وهذا جواب من يصدق الفلكيين في ثبات الشمس في فلكها ودوران الفلك بها حول الأرض، وقد نقض ارتقاء علم الهيئة بالمناظير المقربة للأبعاد، هذا المذهب اليوناني، وأجمع علماء الفلك في هذا العصر على كروية الأرض ودورانها تحت الشمس الثابتة في مركزها؛ على أن قوله منقوض على ذلك المذهب أيضًا إذ لا خلاف عند أهله في كروية الأرض، وسكنى الناس على سطحها من كل جانب فلا يتجه القول بأن العرش فوق رءوس المقيمين في جانب منها دون آخر (١).

[الوجه الثامن: أن الشمس لها سجدتان.]

سجود عام مستديم وهو سجودها المذكور في آية النحل، والحج، مع سائر المخلوقات، وسجود خاص، يتحقق عند محاذاتها لباطن العرش، فتكون ساجدة تحته وهو المذكور في الحديث، وفي كلا الحالتين لا يلزم من سجودها أن يشابه سجود الآدميين لمجرد الاشتراك في لفظ الفعل الدال عليه، ومن أمثلة ذلك من واقعنا أن مشي الحيوان ليس كمشي الآدمي، وسباحة السمك والحوت ليست كسباحة الإنسان، وهكذا. مع إنهم يشتركون في مسمى الفعل وهما المشي والسباحة (٢).

[الوجه التاسع: فائدة علمية]

كما هو ثابت بالعقل من خلال علوم الفلك المعاصرة إذ أنها تدور حول نفسها


(١) مجلة المنار - المجلد [٣٢] الجزء [١٠] (٧٨٥) رمضان ١٤٣٥.
(٢) البداية والنهاية لابن كثير (١/ ٣٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>