للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد اللَّه بن عباس وأتبعه ابنه الحسن وعمار بن ياسر لاستنفار الكوفيين. (١)

وكان السبب في تغير وجهة السير، هو أن عليًا -رضي اللَّه عنه- سمع بأنباء القلاقل التي حدثت في البصرة وأدت إلى خروج عامله عنها.

روى البخاري في صحيحه عن أبي وائل قال: لما بعث علي عمارًا والحسن إلى الكوفة ليستنفرهم خطب عمار فقال: إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا والآخرة، ولكن اللَّه ابتلاكم لتتبعوه أو إياها. وروي كذلك عن أبي مريم قال: لما سار طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة بعث علي عمار بن ياسر والحسن بن علي، فقدما علينا الكوفة فصعدا المنبر، فكان الحسن بن علي فوق المنبر في أعلاه وقام عمار أسفل الحسن. فاجتمعنا إليه فسمعت عمارًا يقول: إن عائشة قد سارت إلى البصرة، واللَّه إنها لزوجة نبيكم -صلى اللَّه عليه وسلم- في الدنيا والآخرة، ولكن اللَّه تبارك وتعالى ابتلاكم ليعلم إياه تطيعون أم هي.

قال الحافظ في الفتح: ومراد عمار بذلك أن الصواب في تلك القصة كان مع علي، وأن عائشة مع ذلك لم تخرج عن الإسلام ولا أن تكون زوجة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الجنة، فكان ذلك يعد من إنصاف عمار وشدة تحريه قول الحق.

وقال أيضًا: قال ابن هبيرة: في هذا الحديث أن عمارًا كان صادق اللهجة وكان لا تستخفه الخصوصية إلى أن ينتقص خصمه، فإنه شهد لعائشة بالفضل التام مع ما بينهما من حرب (٢). وهنا يجدر التنبيه إلى أن كلام عمار -رضي اللَّه عنه- عن عائشة -رضي اللَّه عنها- مبني على عدم معرفة عمار بحقيقة خروج أصحاب الجمل، وهو أنهم قد خرجوا للإصلاح بين الناس (٣). فقدم على عليٍّ وفد الكوفة بذي قار، فقال لهم: يا أهل الكوفة أنتم لقيتم ملوك العجم فعضضتم جموعهم، وقد دعوتكم لتشهدوا معنا إخواننا من أهل البصرة فإن رجعوا فذاك الذي نريده، وإن أبو داويناهم بالرفق حتى يبدأونا بالظلم، ولن ندع أمرًا فيه الإصلاح إلا آثرناه


(١) تاريخ الطبري (٤/ ٤٨٢) بسند صحيح إلى الزهري مرسلًا، والفتح (١٣/ ٦٣).
(٢) انظر: الفتح (١٣/ ٦٣).
(٣) انظر: استشهاد عثمان ووقعة الجمل لخالد الغيث (١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>