للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ما فيه الفساد إن شاء اللَّه تعالى. (١)

وتذكر بعض الروايات أن أصحاب الجمل بعد أن خرجوا من مكة واقتربوا من أوطاس: وهو سهل يقع على طريق الحاج العراقي إذا أقبل من نجد، وتبعد عن مكة (١٤٣ كم) باتجاه الشمال الشرقي (٢)، تيامنوا عنها وتركوا طريق البصرة وساروا بمحاذاته حتى وصلوا البصرة.

وهذا الخبر لا يصح بحق أولئك الصحب الكرام، حيث إنه يصور أصحاب الجمل الذين خرجوا للإصلاح بأنهم مجموعة من الخارجين على الخلافة، وأن خوفهم من علي -رضي اللَّه عنه- قد دفعهم إلى الابتعاد عن سلوك طريق البصرة لكي لا يلحق بهم.

وبدراسة خط سير أصحاب الجمل من مكة إلى البصرة، اتضح أنهم سلكوا طريق البصرة ولم يحيدوا عنه كما زعمت الروايات.

وبيان ذلك كما يلي:

أ- ذكرت الروايات أن أصحاب الجمل حين وصلوا أوطاس تيامنوا عنها وتركوا طريق البصرة وساروا بمحاذاته.

وهذا الخبر فيه تلبيس يوهم أن أصحاب الجمل قد تركوا طريق البصرة، بينما حقيقة الأمر أن من أراد البصرة وكان خارجًا من مكة تيامن من عند أوطاس كما فعل أصحاب الجمل، ومن أراد الكوفة تياسر عنها، حيث إن طريقي البصرة والكوفة يأخذان بالتفرع يمينًا ويسارًا من بعد أوطاس.

ب- ورد في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام أحمد أن كلاب الحوأب نبحت على عائشة -رضي اللَّه عنها- حين بلغت ديار بني عامر. وبنو عامر هؤلاء بنو عامر بن صعصعة، والحوأب ماء من مياه العرب يقع على طريق البصرة وهو من مياه بني بكر بن كلاب، وبنو كلاب


(١) البداية والنهاية لابن كثير (٧/ ٢٣٧).
(٢) انظر: معجم البلدان (١/ ٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>