للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اجتهادي لم يقدر فيه قدر ولم يوقت فيه وقت.

وإذا كان كذلك فالنفي كان في آخر الهجرة فلم تطل مدته في زمن أبي بكر وعمر - رضي الله عنه -، فلما كان عثمان طالت مدته وقد كان عثمان شفع في عبد الله بن أبي سرح إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان كاتبا للوحي وارتد عن الإسلام وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أهدر دمه فيمن أهدر ثم جاء به عثمان فقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - شفاعته فيه وبايعه فكيف لا يقبل شفاعته في الحكم.

وقد رووا أن عثمان سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرده فأذن له في ذلك ونحن نعلم أن ذنبه دون ذنب عبد الله بن سعيد بن أبي سرح وقصة عبد الله ثابتة معروفة بالإسناد الثابت وأما قصة الحكم فعامة من ذكرها إن في ذكرها مرسلة وقد ذكرها المؤرخون الذين يكثر الكذب فيما يروونه وقل أن يسلم لهم نقلهم من الزيادة والنقصان فلم يكن هنا نقل ثابت يوجب القدح فيمن هو دون عثمان (١).

عاشرًا: نفيه لأبي ذر - رضي الله عنه - إلى الربذة.

والجواب عليه من هذه الوجوه:

[الوجه الأول: الروايات التي تذكر أن عثمان هو الذي نفاه لا تصح فلا يحتج بها.]

ومن هذه الروايات:

١ - عن مالك بن أنس بن الحدثان قال: كنت أسمع بأبي ذر، فلم يكن أحد أحب إلي أن أراه أو ألقاه منه، فكتب معاوية إلى عثمان: إن كان لك في الشام حاجة فأخرج أبا ذر منه، فإنه قد نفل الناس عندي، فكتب إليه عثمان - صلى الله عليه وسلم - يأمره بالقدوم ... ، فأمره عثمان - رضي الله عنه - أن يخرج إلى الربذة فخرج (٢).

٢ - عن العوام بن حوشب قال: حدثني رجل من أصحاب الأجر عن شيخين من بني ثعلبة رجل وامرأته قال: نزلنا الربذة فمر بنا شيخ أشعث أبيض الرأس واللحية


(١) منهاج السنة النبوية (٦/ ٢٧١: ٢٦٥)، وانظر فتنة مقتل عثمان للغبان (١/ ١٠٤: ١٠٢)، تحقيق موقف الصحابة في الفتنة (١/ ٤٣٨: ٤٣٢).
(٢) إسناده ضعيف. أخرجه ابن شبة في تاريخ المدينة (١٠٣٤) من طريق أبى عمرو بن حماس، قال الحافظ: مقبول، وهذا الاصطلاح عنده يعني عند المتابعة، فإذا انفرد ضعف، والحال هنا كذلك فلم يتابع، فالإسناد ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>