الجماعية، لأنه يوجد هذان النوعان في العبادة. فالصوم الفردي في الخفاء لا يمنع الصوم العام لكي يشترك كل المؤمنين معًّا في صومهم.
وتستند المسيحية في الصيام على ما جاء في العهد القديم من صوم الشعب أيام أستير وصوم أهل نينوى. وصوم الشعب أيام عزرا ونحميا والصوم أيام يوئيل. أما الصوم في العهد الجديد فقد ورد أن الرسل قد صاموا وليس في الخفاء فالصوم الجماعي مقبول وليس فيه رياء كما يقول البروتستانت.
[الحج ومفهومه في المسيحية]
لم يكن الحج يومًا من الأيام عبادة من عبادات العقيدة النصرانية. فلم تشر الأناجيل إلى ذلك، ولم تظهر هذه العبادة في الكتابات المسيحية الأولى. وكبقية العبادات خضعت هذه العبادة أو الشعيرة لاختراعات وابتداعات من قبل اللاهوتيين المسيحيين وخاصة البابا.
وباعتبار أن المسيح -عليه السلام- قد ولد في فلسطين، ورفع إلى السماء منها فقد أنشئت له كنيسة في الناصرة وكنيسة القيامة في مدينة القدس، وكذلك كنيسة أخرى في بيت لحم، واعتبر المسيحيون كل بقعة تجول فيها المسيح مكانًا مقدسًا.
وراح اللاهوتيون مع مرور السنين يفلسفون مفهوم الحج بأنه زيارة واجبة على كل مسيحي إلى تلك الأماكن المقدسة.
كيف نشأ مفهوم الحج إلى الأماكن المسيحية المقدسة في فلسطين؟
في القرن الحادي عشر كانت الكنيسة مالكة غنية للحقول والمروج والبساتين، وكانت تستثمر العبيد والفلاحين الذين يخصونها استثمارًا وحشيًا. ربما أن الكنيسة كانت أكبر ملاك عقاري إقطاعي فقد كانت حصنًّا روحيًا لعموم طبقة الإقطاعيين، وفي ذلك كانت تتلخص وظيفتها الاجتماعية، وكان رجال الدين يساعدون الإقطاعيين في السيطرة على الفلاحين والحرفيين، وذلك بالوعظ بالتعاليم المسيحية التي تقول: إن النظم الأرضية هي من صنع الرب، وإنه لا يصلح ولا يمكن بالتالي تغييرها وبمطالبة الكادحين بالخضوع التام لأسيادهم، وبوعد الودعاء بالنعيم في الجنة بعد الموت، وبتهديد المتمردين والعصاة