للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالحكمة في الأمر الأول هو الابتلاء، وهل يتهيأ للامتثال ويظهر الطاعة فيما أمر به أو لا، فالابتلاء والاختبار ليظهر المؤمن فيفوز، والمنافق فيهلك ليميز اللَّه الخبيث من الطيب (١).

التدرج في التشريع وعدم مفاجأة المكلفين (٢):

وهذا التدرج لا شك أن يمهد للمكلفين الحكم دون مشقة أو نفور في النفوس، ويتضح ذلك في التدرج في تحريم الخمر، وكذلك في عقوبة الزنا فكانت في بداية الأمر الإمساك في البيوت، قال تعالى: {فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ}.

قال القرطبي: هذه أول عقوبات الزناة، وكان هذا في ابتداء الإسلام (٣).

ثم نُسخ ذلك بوجوب جلد غير المحصنين ورجم المحصنين من الزناة. والحِكَم والمصالح في النسخ عديدة وكثيرة، فمصلحة العباد تقتضي ذلك، وأوامر اللَّه ونواهيه مشتملة على الحكم والمصالح، فإذا انتهت الحكمة والمصلحة من الخطاب الأول وصارت في غيره، أمر جل وعلا بترك الأول الذي زالت حكمته، والأخذ بالخطاب الجديد المشتمل على الحكمة الآن (٤).

وقيل الحكمة بشارة المؤمنين برفع الخدمة عنهم، وبأن رفع مؤنتها عنهم في الدنيا مؤذن برفعها في الجنة (٥).

ثالثًا: آية الرجم مما نسخ تلاوته وبقي حكمه (٦).


(١) مذكرة في أصول الفقه للشنقيطي (٨٧)، مناهل العرفان ٢/ ١٥٣.
(٢) مقدمات النسخ د. أسامة عبد العظيم (٧٤).
(٣) تفسير القرطبي ٥/ ٨٤.
(٤) معالم أصول الفقه للجيزاني (٢٦٣) بتصرف.
(٥) إرشاد الفحول (١٨٦: ١٨٥)، وانظر مزيدًا على ما تقدم في مبحث (النسخ) من هذه الموسوعة.
(٦) قال الآمدي: اتفق العلماء على جواز نسخ التلاوة دون الحكم، بالعكس ونسخهما معًا (الإحكام في أصول الأحكام ٣/ ٢٨، وانظر الفقيه والمتفقه ١/ ٢٤٨: ٢٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>