للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحد فهو مقيم، فيحتاجون لدفع ضرر البرد وهو أن يأتيهم بما يصطلون، فليس محتاجًا للشيئين معًا بل لأحدهما؛ الخبر إن وجد مَنْ يخبره فيرحل، أو الاصطلاء إن لم يجد وأقام.

فمقصوده إما هداية الطريق وإما اقتباس النار، وهو معنى قوله تعالى: {لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه: ١٠].

وجاء هنا: {سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ} وهو خبر، وفي سورة طه: {لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ}، وفي القصص: {لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ} [القصص: ٢٩]، وهو ترجٍ؛ ومعنى الترجي مخالف لمعنى الخبر ولكن الرجاء إذا قوى جاز للراجي أن يخبر بذلك وإن كانت الخيبة يجوز أن تقع، وأتى بسين الاستقبال إما لأن المسافة كانت بعيدة، وإما لأنه قد يمكن أن يبطىء لما قد أنه قد يعرض له ما يبطنه (١).

توضيح: قال ابن باشاذ: الغالب على (سوف) استعمالها في الوعيد والتهديد، وعلى السين استعمالها في الوعد، وقد تستعمل سوف في الوعد، والسين في الوعيد (٢).

السين للوعد كقوله تعالى: {إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ} (٣)، وإذا فهمنا ذلك علمنا أن سيدنا موسى - عليه السلام - وعد ولم يؤكد.

[بعض معاني (لعل) في اللغة العربية]

١ - التوقع: وهو ترجي المحبوب والإشفاق من المكروه نحو: لعل الحبيب قادم، ولعل الرقيب حاصل. وتختص بالممكن، وقول فرعون {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (٣٦) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ} [غافر: ٣٦, ٣٧] إنما قاله جهلًا أو مخرقة وإفكًا.

٢ - التعليل: أثبته جماعة منهم الأخفش والكسائي، وحملوا عليه: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (٤٤)} ومن لم يثبت ذلك يحمله على الرجاء ويصرفه للمخاطبين أي: اذهبا على رجائكما.


(١) البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٥٣)، وانظر تفسير الرازي (٢٤/ ١٨١).
(٢) الإتقان في علوم القرآن (٢/ ١٩٨)، وانظر البرهان في علوم القرآن للزركشي (٤/ ٢٨٣).
(٣) دراسات لأسلوب القرآن لمحمد عبد الخالق عضيمة (٢/ ١٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>