للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذين يأخذون حكم اللَّه في التعدد يجب أن يأخذوا حكم اللَّه أيضًا في العدل، وتطبيقًا لهذا الشرع يجب أن يعدل بينهما في ما يملك، فيعد لكل واحدة مكانًا كالأخرى، وزمانًا، وفي متاع المكان، وفيما يخص الرجل من متاع نفسه، فليس له أن يجعل شيئًا له قيمة عند واحدة؛ وشيئًا لا قيمة له عند أخرى، لابد من المساواة لا في متاعها فقط بل متاع الزوج الذي يتمتع به عندها، حتى إن بعض المسلمين الأوائل كان يساوي بينهن في النعال التي يلبسها في بيته، فيأتي بها من لون واحد، وشكل واحد، وصنف واحد، وذلك حتى لا تقول واحدة منهن للأخرى: إن زوجي يكون عندي في أحسن هندامًا منه عندك. إلى آخر العدالة في كل ما يدخل في اختيار العبد، لأن العدالة التي لا تدخل في الاختيار لا يكلف اللَّه بها، إذا تم العدل في المكان، والزمان والمتاع وكل الأمور المختارة، أما الميل القلبي فهذا ليس بيد العبد ولا في قدرته واختياره ومثال ذلك:

أن يرتاح عند واحدة ولا يرتاح عند أخرى، أو يرتاح جنسيًا عند واحدة ولا يرتاح عند أخر، لكن الأمر الظاهر لكلٍّ يجب أن تكون القسمة فيه بالسوية حتى لا تُفضَّل واحدة على الأخرى. (١)

فإذا خاف الرجل الظلم وعدم العدل بينهن حرم عليه الجمع بينهن، قال تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} (النساء: ٣).

ولا يشترط اليقين من عدم العدل لحرمة الزواج بالثانية، بل يكفي غلبة الظن (٢).

[الضابط الثاني: القدرة على الإنفاق.]

فهي شرط للإقدام على الزواج سواءً كان الرجل يريد التزويج بواحدة أو أكثر، فإن عجز عن الإنفاق لا يحل له شرعًا أن يقدم على الزواج وإن كان زواجه الأول كما قال -صلى اللَّه عليه وسلم-:


(١) تعدد الزوجات في الأديان (٣٤، ٣٥).
(٢) الزواج للحفناوي (٢٣١)، وانظر: تفسير المنار ٤/ ٣٥٠، وأضواء البيان للشنقيطي ٣/ ٣٧٧، والمنار ٤/ ٣٦٤، والظلال لسيد قطب ١/ ٥٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>