للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العاشر: إن الإسلام أعطاهم أخوة الدين بهذه البنوة المزعومة المكذوبة، وهي أخوة وموالاة باقية ببقائه على الدين فقوله: {فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ}: أمر برد أنساب الأدعياء إلى آبائهم، إن عرفوا؛ فإن لم يعرفوا آباءهم، فهم إخوانهم في الدين ومواليهم، أي: عوضًا عما فاتهم من النسب فهم إخوتكم في دين الله، ومواليكم في ذلك، فادعوهم بالأخوة الإيمانية الصادقة، والموالاة على ذلك (١).

الوجه الرابع: في الإشارة إلى فضائل زيد، وذلك لكي لا يظن أن إلغاء التبني حط من شأن زيد، أو كرهًا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له، وحتى لا يظن أن زيدًا تغير على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك، أو تغير عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

١ - تعويضه الأخوة الإيمانية التي ثبتت وأشرنا إليها سابقًا، وأكثر من ذلك ذكر اسمه صراحة في القرآن وليست لغيره من الصحابة فضيلة كهذه إلا عيسى ابن مريم على قول من يعده صحابيًا.

٢ - كونه خليقًا بالإمارة ومن أحب الناس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - قال: بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثًا وأمَّر عليهم أسامة بن زيد، فطعن بعض الناس في إمارته فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، وأيم الله إن كان لخليقًا للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلي، وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده" (٢).

قال ابن حجر: قوله: "فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل": يشير إلى إمارة زيد بن حارثة في غزوة مؤتة، وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ما بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيد بن حارثة في جيش قط إلا أمّره عليهم، وفيه جواز إمارة المولى (٣).


(١) تفسير ابن كثير الآية، والسعدي الآية.
(٢) أخرجه البخاري (٣٥٢٤).
(٣) فتح الباري (٧/ ٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>