للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {كُلُوا وَاشْرَبُوا. . .} [الأعراف: ٣١] ما أحل الله لكم من المطعومات والمشروبات {وَلَا تُسْرِفُوا} أي لا تتعدوا إلى الحرام، ولا تكثروا الإنفاق المستقبح، ولا تناولوا مقدارًا كثيرًا يضركم ولا تحتاجون إليه. ثم سأل الطبيب: أقال نبيكم أيضًا شيئًا في هذا الأمر؟ ، فقال الحسين: إن نبيَّنا أيضًا جمع الطب في ألفاظ يسيرة، فسأل الطبيب عنها، فقال الحسين: هي هذه: "المعدة بيت الداء. والحمية رأس كل دواء. وأعط كل بدن ما عودته" (١) فقال الطبيب: الإنصاف أن كتابكم ونبيكم ما تركا حاجة إلى جالينوس، يعني بينا الأمر الذي هو رأس حفظ الصحة وإزالة المرض وأصلهما ومضارهما. (٢)

- فالقرآن حضّ على معرفة علوم الكون، وصنائع العالم، وحث على الانتفاع بكل ما يقع تحت نظرنا في الوجود. قال سبحانه وتعالى: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [يونس: ١٠١]، وقال جلّت حكمته: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (١٣)} [الجاثية: ١٣]. فلا يليق بالمسلمين وهم المخاطبون بهذا أن يفرّوا من وجه هذه المنافع العامة، ولا أن يزهدوا في علوم الكون، ولا أن يحرموا أنفسهم فوائد التمتع بثمرات هذه القوى العظيمة التي أودعها الله لخلقه في خزائن سمواته وأرضه. ولهذا نَصَّ علماؤنا على أن تعلم تلك العلوم الكونية، وحذق هذه الصناعات الفنية فرض من فروض الكفايات، ما داموا في حاجة إليها لمصلحة الفرد أو المجموع. (٣)

[الوجه الحادي والعشرون: الإعجاز الغيبي]

- فمن وجه إعجاز القرآن الغيبي:

١ - ما فيه من الإخبار عن الغيوب المستقبلة، ولم يكن ذلك من شأن العرب.

٢ - ما تضمنه من الإخبار عن قصص الأولين، وسائر المتقدمين حكاية من شاهدها وحَضَرها.


(١) لا أصل له مرفوعًا، إنما هو من قول الحارث بن كلدة، قاله ابن القيم وغيره، انظر: الضعيفة للألباني (٢٥٢).
(٢) إظهار الحق (٢/ ٣٥)
(٣) مناهل العرفان في علوم القرآن (٢/ ٣٦٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>